IMLebanon

البنك المركزي” دق جرس الإنذار.. فهل تتحرك الحكومة؟

“الليرة مستقرة”، “لا خوف على الوضع النقدي”، “الوضع المالي سيكون بخير بفضل سياسات “المركزي”، “لا صحة لكل ما يشاع عن انهيار وشيك وكل هذه المخاوف في غير مكانها”. هذه العبارات طبعت حتى الامس القريب مواقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كلّها، والذي أًصرّ إبان الاشهر السابقة، على تبديد كل محاولات تسويق مناخات سلبية في شأن الليرة واستقرارها، وسارع في كل مرة حُكي بتشاؤم عن العملة وقيمتها، الى الطمأنة ووضع النقاط على الحروف…

هذه النبرة الايجابية نقديًّا وماليا واقتصاديا، التي بقيت صامدة رغم التخبط السياسي الذي كان عنوان الفترة السابقة، مع تعثّر تشكيل الحكومة، ورغم اعلان وكالات عالمية مالية تخفيض تصنيف لبنان، تبدّلت للمرة الاولى منذ ايام قليلة مع تحذيرات “نادرة” اطلقها “الحاكم” حين قال “قبل الحرب اللبنانية، كان القطاع العام يشكل 17% من الناتج المحلي. أما اليوم، بات هذا القطاع يستأثر بـ 35% من الناتج المحلي، وهي نسبة مرتفعة مقارنةً بحجم لبنان، وتلقي مسؤولية كبيرة على عاتق قياديي البلد”، مضيفا “سوء الادارة يسهم في عجز الموازنة والتضخم ويهدد استقرار البلد والقدرة الشرائية للمواطن. وهذا ما يثير مخاوف المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف التي أصبحت نظرتها للبنان سلبية”. وتابع “البنك المركزي يقوم بجميع واجباته للحفاظ على الاستقرار. ونحن قادرون على ذلك.إنما مع الوقت، اذا أردنا تحسين الاقتصاد وتأمين فرص عمل للبنانيين، ينبغي تقليص حجم القطاع العام وإعادة روح المبادرة إلى الشباب ليطلق مبادرات من شأنها خلق فرص عمل ومؤسسات جديدة في القطاع الخاص”. وأردف “نؤمن بأن السعي لتطبيق إدارة حكيمة ومكافحة الفساد بفعالية من الأمور الأساسية للنهوض بالاقتصاد(..) لافتا الى ان “الادارة الحكيمة تشكل وسيلةً لخفض عجز الموازنة (11% من الناتج المحلي 2018 في حين كان متوقعا أن يكون أقل من 10%)لا سيما أنه بعد شهرين من تشكيل الحكومة، لم تبحث في برامج إصلاحية تضع لبنان على مسار إصلاحي، مع أن الأسواق تترقب ذلك، ما أثار ردود فعل سلبية تجسدت بارتفاع الفوائد”.

كان الرجل اذا يراهن، وفق ما تقول مصادر اقتصادية متابعة لـ”المركزية” على عملية إنقاذ سريعة ستطلقها الحكومة فور تشكيلها، لوقف النزف الاقتصادي – المالي والشروع في خطوات كبيرة تضخ الاوكسيجين في عروق البلاد وتبعد الخطر “المميت” الذي يتربّص بها. الا ان ذلك لم يحصل. وبعد مرور أسابيع على التأليف، أيُ تبدّل ايجابي ولو صغير في الواقع الصعب الذي كانت تعيشه الاسواق التجارية والمالية لم يطرأ، فكان لا بد من دق ناقوس تحذيري، وهذا ما فعله سلامة. وإزاء التعثر المستمر، بدا الاخير يرسم خريطة طريق لمجلس الوزراء الغارق في المناكفات السياسية وفي رؤاه المتباعدة لكيفية الخروج من “جورة” الفساد والمديونية، داعيا الى البدء بتقليص حجم القطاع العام والى مكافحة حقيقية للفساد لخفض العجز.

وازاء هذا الواقع القاتم، وفيما الاصلاحُ أولوية “دولية” لتصل مساعدات “سيدر” الموعودة، الى بيروت، تشير المصادر الى ان مجلس الوزراء مطالَب بأخذ “تنبيهات” سلامة على محمل الجد، والتصرف على اساسها وفي ضوئها، حمايةً للاقتصاد اللبناني، الذي يبدو بات اليوم اكثر من اي وقت، يقف امام “هاوية” حقيقية، ويحتاج “صعقة” ايجابية سريعة لانعاشه.. فهل يضع التباينات جانبا ويشرع مثلا في وضع موازنة تخفف الاعباء، وفي اقرار خطة كهربائية واعدة؟ فهاتان الخطوتان بحد ذاتهما، كفيلتان بإرسال مؤشرات ايجابية الى الداخل والخارج، تدل الى ان لبنان عرف داءه وأدركه.. ووجد له “الدواء”..