IMLebanon

ماذا عن مزارع شبعا اللبنانية؟

 

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، في «هديّة» رحّب بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبدا توقيت هذه الخطوة مثالياً لنتنياهو الذي يتعرّض لهجوم داخلي عنيف بسبب الفساد والرشوة والذي يسعى لإعادة انتخابه بوجه منافسين سياسيين مثل حزب «أزرق أبيض» الذي يُظْهِر قادته (رئيس الأركان السابق بني غانتس ووزير المال السابق يائير لابيد) قوّتَهم خصوصاً أنهم بعيدون عن الاعتدال ما يشكّل خطراً على حظوظ رئيس الوزراء الحالي.
كيف سيكون رد فعل العالم لمواجهة قرار ترامب غير القانوني؟
لا يمكن توقُّع أي شيء سوى إظهار السخط والرفض. ولا يمكن ترقُّب أي خطوة جدية عدا حرق بعض الأعلام والندوات المندِّدة والتصريحات المعترِضة.
وعند سؤال ترامب عن توقيت إعلانه وارتباط ذلك بالانتخابات الإسرائيلية، ناقضَ نفسه بنفسه إذ قال: «لم أكن أعرف ذلك (عن الانتخابات)، ليست لديّ أيّ فكرة (حول الانتخابات) ولكنني أسمع أنه على ما يرام (عن وضع نتنياهو)».
وعلى مدى عقود تدخّل رؤساء أميركا في الانتخابات الإسرائيلية، ودعموا رئيس الوزراء ضدّ خصومه أو سحبوا البساط من تحت آخرين عندما رفضوا سياسة الرئيس الأميركي. هكذا فعل جورج بوش الأب العام 1991 عندما رفض إعطاء إسحق شامير قرضاً بقيمة 10 مليارات دولار ما تسبّب بخسارته أمام خصمه إسحق رابين.
وبإنكار ترامب ارتباط قراره حول الجولان بالانتخابات في اسرائيل، يكون زاد كذبةً على الـ7.645 التي أُحصيتْ له منذ توليه منصبه. أما بيت القصيد فهو أن الإدارة الأميركية تفعل ما تريده وتنتهك القوانين الدولية ولا تهتمّ لردود الفعل الخارجية ما عدا الداخلية منها.
فقد دخلتْ أميركا العراق العام 2003 من دون إذن الأمم المتحدة، وقصفت ليبيا ونشرت قوات في سورية وعلى حدود التنف من دون موافقة أممية. ونقل ترامب سفارة أميركا إلى القدس من دون اهتمام بأي ردود فعل محتملة. وبالتالي لا يوجد سبب يقلق ترامب إذا انتهك القرارات الدولية 242 و338 و497 بما فيها أيضاً قرارات تتعلق بوجود قوات «أندوف» في الجولان. وهو يعلم أن أحداً لن يعلن الحرب على إسرائيل ولا على أميركا من أجل الجولان وفلسطين والقدس.
لقد استخدم العرب سلاح النفط العام 1973، ولكن هذا الخيار لم يعد مطروحاً وتالياً لم يبقَ للردّ على قرار ترامب سوى الانتفاضة الشعبية ولا سيما المقاومة المسلّحة لاستعادة الجولان. إلا أن الحكومة السورية غير مستعدّة لبدء معركة جديدة لأنها خطوة مكْلفة لا يستطيع الرئيس بشار الأسد الدعوة إليها اليوم وخصوصاً أن الحرب لم تنتهِ بعد. فسورية تحتاج لإعادة البناء والمصالحة ودفع عجلة الاقتصاد، إذ ما زال شمال غربي سورية، إدلب، تحت سيطرة تركيا و«القاعدة»، والشمال الشرقي تحت سيطرة القوات الأميركية.
أما إذا إعتبر ترامب أن الجولان يتضمّن مزارع شبعا كجزء من هديّته إلى نتنياهو، فقد يتغيّر الوضع لأن «حزب الله» مستعدّ لاستعادة المزارع اللبنانية. وما لم تكن إسرائيل مستعدّة لأخذ الجولان وترْك المزارع، فقد ينقل الحزب عملياته العسكرية الى الجولان إذا أراد الأسد، الحليف الأساسي، ذلك.
أما القضية الأخرى فهي وجود قوات روسية تقوم بدوريات على خط الجولان لمنْع أي هجوم على إسرائيل. وتجدر الإشارة الى أنه منذ أكثر من 30 عاماً لم تُطلَق رصاصة واحدة من سورية باتجاه إسرائيل.
ويجب الاعتراف بأن إسرائيل تلعب أوراقها بشكل جيد في سورية منذ بدء الحرب قبل ثمانية أعوام. فقد دعمت «داعش» و«القاعدة» ودفعت ثمناً قليلا لذلك، وضربت البنية التحتية العسكرية السورية والإيرانية في سورية من خلال اختيار توقيت هجماتها بعناية فائقة، وأعطت انطباعاً بأن اذرعها تصل إلى أي مكان. وامتنعت عن استفزاز «حزب الله» لتجنّب ردات الفعل (عدا أحداث متفرقة صغيرة).
لقد تمكّن نتنياهو من جذْب واشنطن إلى جانبه، ففعل ما يريده لدرجة أن ترامب لم ينتظر للأسبوع الجاري موعد زيارة نتنياهو لواشنطن لإعلان هديته (الجولان) وينقذ نتنياهو داخلياً. ويتوقع الرئيس الأميركي من نتنياهو مبادلته في الانتخابات المقبلة.
رغم عدم صدقه في تصريحاته المتعددة، إلا أن ترامب هو أكثر رؤساء أميركا وضوحاً لأن كل من سبقوه أخفوا نياتهم الحقيقية بينما كانوا ينظمون في الخفاء ما تريده إسرائيل. فالجميع وافقوا على عدم إعطاء دولة لفلسطين وعدم تنفيذ حق العودة، واليوم سقطتْ ورقة التوت لتُظْهِر أميركا دعمها للفصل العنصري الذي ينتهك القرارات الدولية غير آبه بخرق سيادة دول الجوار. أما ردّ الفعل المتوقّع حيال القرار في شأن الجولان وغيره فـ… لا شيء.