IMLebanon

قلق الأطفال في التخلّي عن الحفاض

كتب د.أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

ليس من السهل أن يتخلّى الطفل عن الحفاض وينتقل إلى مرحلة أخرى وهي إستعمال القعادة، آخر مرحلة ما قبل استخدام المرحاض. فخلال تلك المرحلة، يشعر كل طفل بنوع من القلق، وسببه الخوف من هذا التغيير الذي تفرضه أمّه عليه. لذا، يجب أن يتبع الأهل، خصوصاً الأم التي عادة هي مَن يدرّب الطفل على إستعمال القعادة، طريقة صحيحة لتعليم الطفل من خلال برنامج نظامي وهادئ، بعيداً من التشنجات والصريخ. ولكن ما هو العمر المناسب لتعليم الطفل النظافة؟ وهل يؤخّر القلق عملية النظافة؟ وما هو البرنامج الذي يمكن أن تتبعه الأم خلال عملية تلقين طفلها النظافة؟

خلال نموّه، يمرّ الطفل بمراحل مفصلية في حياته المستقبلية. ومن هذه المراحل الأساسية مرحلة النظافة أي مرحلة تخليه عن حفاضاته التي إعتاد عليها منذ صغره والإنتقال لإستعمال المرحاض كأيّ شخص راشد. وتكون هذه المرحلة الحساسة جداً إما مصدر بهجة وسعادة للوالدين أو مرحلة قلق وغضب وعدوانية من المُلقَّن إلى المُلقِّن.

الإستعداد للتخلي عن الحفاضات

يبدأ الطفل عادة بالشعور بالإنزعاج من حفاضاته بين عمر السنة والنصف والسنتين. وخلال هذه الفترة، يكون الوقت مناسباً لتعريف الطفل على القعادة وهي ليست سوى حمام متنقل للطفل، يقوم فيها بحاجياته يفتخرعادة في كل مرة يستعملها. لكنّ هذا الامر لا يأتي بين عشية وضحاها بل يتطلب من الأم الكثير من المثابرة والتشجيع. فلا يمكن أن يتعلّم الطفل إستعمال «حمّامه المتنقّل» إلّا إذا كانت الأم مستعدة نفسياً لهذه المهمة ولأيّ تصرف عشوائي يمكن أن يعرّض الطفل إلى الكثير من المشكلات النفسية كهوس النظافة.

وعندما نتكلم عن «تصرف عشوائي» خلال تلقين الطفل النظافة، لا يعني سوى العدوانية الجسدية واللفظية التي يمكن أن تستعملها الام التي تريد تلقين طفلها وبشكل سريع مبادئ النظافة.

إلى كلّ أم تعلّم طفلها النظافة، إليك ملاحظة مهمّة: لا تستعجلي خلال تعليم الطفل النظافة لأنّ ذلك قد يؤدّي إلى:

  • مشكلات في النمو عند الطفل
  • نوبات غضب خصوصاً من الشخص الذي يعلم النظافة
  • قلق مفرط من كلا الطرفين

 

ولتفادي تلك المشكلات، يجب أن تحترم الأم (أو الشخص الملقن النظافة) خطوات الطفل للتعلم والتماشي معه، حتى لو كانت تلك الخطوات بطيئة جداً. كما يجب أن تطرح الأم بعض الأسئلة على نفسها للتأكد من أن طفلها الصغير هو على إستعداد للتعلم:

1 – هل يفهم الطفل ما الذي تتكلمين عنه؟ (النظافة، أهمية هذه العملية، طريقة النظافة، كيفية إستعمال القعادة…).

2 – هل هناك تواصل إيجابي بينك وبين الطفل؟ (بدون هذا التواصل، لن يفهم الطفل أبداً مبادئ النظافة التي ليست بسيطة بالنسبة له).

3 – هل يرغب طفلك بأن يتعلم مبادئ النظافة وإستعمال القعادة؟

4 – هل يطلب منك الطفل إستعمال الحمام على الرغم من أنّه يرتدي الحفاض؟ وهل يبقى هذا الحفاض جافاً لفترة أطول من المعتاد (لساعتين مثلاً)؟

5 – هل الطفل مرتاحاً مع نفسه ويشعر بالسعادة لا سيما عندما تتحدثين معه عن إستعمال القعادة أو بالعكس يخاف ويهلع؟ وهل يستطيع أن يلبس لوحده السروال الذي يرتديه فوق الحفاض؟ وهل يواجه أي مشكلات خلال إرتدائه أو خلعه؟

6 – هل ينزعج كثيراً الطفل ويصبح كثير الحركة عندما يتّسخ حفاضه ويطلب بسرعة فائقة تغييره؟

القلق والخوف

بعد أن تتأكّد الام من أنّ طفلها على إستعداد لتعلّم النظافة، يمكنها أن تنتقل معه إلى إستعمال القعادة بطريقة تربوية وعلى شكل لعبة للطفل. فيجب أن يشعر هذا الأخير أنّه يلعب وأن لا تصرّ الأم على إستعمال القعادة التي يمكن أن يرفضها الطفل في بادئ الأمر.

ويُظهر بعض الأطفال، بسبب إجبارهم على إستعمال القعادة، بعض التصرفات العدوانية تجاه أهلهم أو حتى بعض المشكلات الفزيولوجية كالإمساك. لذا يجب إحترام رغبة الطفل لتفادي الإضطرابات النفسية التالية:

– القلق: يشعر الطفل بأنّ هذه «الآلة» التي يجلس عليها «ستبلعه» خصوصاً إذا قامت الأم بتخويفه كي لا يوسّخ نفسه. هذه طريقة غير تربوية أبداً.

– الخوف: قد يشعر الطفل بالخوف إذا لم يكن هناك من مقدمات حول إدخال القعادة إلى حيا ته اليومية. كما يمكن أن يخاف من أهله إذا كانوا يستعملون العدوانية الجسدية معه.

– العصابية: تظهر عند الطفل خصوصاً عندما يُواجه عصابية أهله. وطبعاً يؤدي ذلك إلى خلل في الحوار ما بين الطفل الصغير والملقن.

كيفية المساعدة النفسية لطفلنا

هناك بعض النقاط التي يمكن أن تتّبعها الأم خلال تلقينها طفلها استخدام القعادة:

أولاً، الشرح للطفل ما هو هذا «الشيء» الجديد الموجود في البيت. ويمكن أن يشارك الطفل في اختيار القعادة المناسبة له مع ألوان وأشكال. فنجد في الأسواق الكثير من القعادات بأشكال مختلفة، على شكل سيارة أو طائرة مثلاً.

ثانياً، إذا لم يعتد الطفل على القعادة، يمكن أن توضع في إحدى زوايا البيت وأن تبقى تحت نظره لكي يعتاد على رؤيتها أوّلاً.

ثالثاً، عندما يبدأ الطفل بالإعتياد على القعادة، يمكن تشجيعه في كل مرة على استعمالها.

رابعاً، عندما يطلب الطفل الحاجة لإستعمال القعادة، يجب أن تلبّي الأم هذه الحاجة سريعاً كي يعتاد الطفل على إستعمالها.

خامساً، الدعم الإيجابي من خلال الجلوس بقربه ومدحه بكلمات لطيفة وحنونة. وعدم تعريضه لملحوظات شخصية (لا توسّخ ثيابك… ما هذا القرف… إبتعد عني إنك وسخ أو مقرف…).

سادساً، لا يجب أبداً معاقبة الطفل جسدياً أو لفظياً لأنّ ذلك سيؤثر عليه في حياته المستقبلية.