IMLebanon

جوع التضامن الوزاري (بقلم بسام أبو زيد)

كتب بسام أبو زيد:

 

تتكرر على لسان الطبقة الحاكمة في لبنان عبارة أو مفهوم التضامن الوزاري، إلا أحدا من أركان هذه الطبقة لم يكلف نفسه عناء تفسير هذا المفهوم للرأي العام.

في لبنان يقول المنطق والممارسة إن مفهوم التضامن الوزاري غير موجود ولا يمكن أن يكون موجوداً في أي وقت من الأوقات، إذ كيف يجوز الحديث عن تضامن وزاري والخلافات تطال كل المواضيع في السياسة الداخلية والخارجية والاقتصادية والمالية العامة وغيرها من القضايا الحياتية والاجتماعية.

إن دمج الموالاة والمعارضة في حكومة واحدة ليس إنجازا للوحدة الوطنية في لبنان، بل هو إمعان في إثارة الخلافات ونقلها إلى داخل الحكم ومؤسساته في خطوة أقل ما يقال فيها إنها خطيرة تتسبب في شل الدولة وتجعل منها حلبة المصارعة سيخرج منها الجميع خاسرين.

إن مفهوم التضامن الوزاري في لبنان يتلخص بضرورة انتقاء أصوات المعارضة في الحكومة، وأن يقف الجميع في صف القوى التي تعتقد أنها تملك زمام الحكم في لبنان، فتصبح بالتالي أي معارضة في موقع الاتهام بضرب مسيرة الحكم وعرقلته ما يتيح للحاكمين التنصل من مسؤولية الفشل وإلقاء تبعاتها على من عارضهم، ويصورون أنفسهم بصورة الضحية والآخرين بصورة الجلاد متناسين أن مسؤوليتهم في هذا الموقع أو ذاك ممتدة منذ سنوات من دون أن تحقق نتيجة تذكر، وأن أضعف الإيمان ليس في الشكوى بل في الأقدام على خطوات جريئة أولها الاستقالة.

لا يوجد تضامن وزاري ولن يوجد في حكومة “من كل وادي عصا”، وسيبقى هذا المفهوم شعاراً يتردد ككل الشعارات الفارغة كالعيش المشترك والوحدة الوطنية، لأن التضامن الوزاري لا يكون سوى في حكومة اللون الواحد والمصلحة الواحدة، في مواجهة معارضة حقيقية، فتتصارع الموالاة والمعارضة من أجل الأفضل للوطن والمواطنين، ولا يتمترسون خلف طروحاتهم ولو كانت ستودي بالبلد إلى كارثة يراها البعض انتصاراً لأن خصومه فشلوا في تحقيق أمنياتهم.

في لبنان لا مكان للتضامن الوزاري الذي سقط ويسقط تحت مفاهيم تضامن أخرى، كالتضامن المذهبي والطائفي والحزبي وتضامن المصالح، والعودة إلى معزوفة الحديث عن ذاك التضامن الوزاري هي فقط من باب رفع العتب الذي لن يسمن أو يغني عن جوع.