IMLebanon

لبنان بين مطرقة «نيران» المنطقة وسندان الخشية من الاستنزاف المالي 

 

يستعيد الواقعُ الاقتصادي – المالي أولويّتَه في المشهد اللبناني الذي يستعدّ لأسبوعٍ سيشكّل امتحاناً فعلياً لمدى قدرةِ البلاد على وضْع المسار الإصلاحي على السكة توطئةً لتنفيذ مقرّرات مؤتمر «سيدر 1»، مستفيداً من صمودِ حالِ «التطبيع» السياسي أمام «الصدمة» التي أحدثتْها مواقف وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو من بيروت كما أمام بعض ما حملتْه زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون لموسكو والبيان المشترك حول القمة مع الرئيس فلاديمير بوتين من إشاراتٍ «بين السطور» اعتُبرت خروجاً على «النأي بالنفس».
وحملتْ الساعات الماضية ارتفاعاً في وتيرة الاهتمام بالعناوين ذات الطابع الاقتصادي التي تطلّ على ورشة الإصلاح المطلوبة لتكييف الواقع اللبناني مع متطلبات «سيدر» والتي باتت تخضع لمعاينة لصيقة ومتابعة دورية على الأرض من البنك الدولي الذي يُعتبر «قاطرة» لهذا المؤتمر وللمساهمات المالية فيه والذي أجرى نائب رئيسه لمنطقة الشرق الأوسط فريد بلحاج محادثات أمس في بيروت مع كبار المسؤولين، وسط انطلاق العدّ التنازلي لانقضاء «مهلة الحضّ» التي مُنحت للحكومة الجديدة للقيام بخطوات جدية في سياق الإصلاحات «الشَرْطية»، بدءاً من إقرار موازنة 2019 بأرقام تترجم التزام لبنان خفض العجز بنسبة 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى خمس سنوات، مروراً بإعطاء إشارة بدء معالجة أزمة الكهرباء وتكلفتها الباهظة على الخزينة وليس انتهاءً بتفعيل مسار مكافحة الفساد.
وفيما تتصاعد التحذيراتُ الخارجية من تفويت فرصة التقاط «حبل النجاة» الذي يشكّله مؤتمر «سيدر» ومن الغرق في خلافات داخلية تعطّل قطار الإصلاحات وتالياً تنسف جسر العبور الى النهوض المالي – الاقتصادي، تتزايد المخاوف في بيروت من ألا تنجح الطبقة السياسية في ضمان نقل البلاد الى شاطئ الأمان رغم المؤشرات المقلقة التي لا ينفكّ خبراء سياسيون عن الحديث عنها في مقاربتهم الواقع المالي – الاقتصادي الذي يتجاذبه وضعٌ داخلي يقاوم جاذبية السقوط في «حقل نار» أزمات المنطقة ومديونيةٌ قياسيةٌ وتفلُّتٌ مالي يحاول وزير المال علي حسن خليل ضبْطه (بانتظار إقرار الموازنة) عبر قراره قصْر سداد النفقات العامة على الرواتب والأجور، الأمر الذي انعكس (كما كشفت صحيفة «النهار») حتى على حركة الحقائب الديبلوماسية لعدم وجود عقود نفقات وبدأ يؤخر معاملات المغتربين واللبنانيين المتنقّلين بين لبنان وبلدان الانتشار. وتشكّل الأيام المقبلة الفاصلة عن اجتماع مجلس الوزراء الأسبوع المقبل (لم ينعقد امس في ضوء خضوع الرئيس سعد الحريري لعملية تمييل ناجحة في شرايين القلب في باريس) فسحة لمحاولة تبريد «خطوط التوتر العالي» التي عادت بين «التيار الوطني الحر» (حزب عون) وبين حزب «القوات اللبنانية» على خلفية تحفُّظ الأخيرة عن خطة الكهرباء وذلك خشية الإطاحة بإمكان إطلاق مسار معالجة هذا الملف الذي يشكّل «الحِمْل الأثقل» على المالية العامة.
ولم يحجب هذا الصخب الأنظار عن التقرير الديبلوماسي الذي ورد الى بيروت وأفاد بأن وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، تحدث في أعقاب زيارته للبنان الى اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس النواب الاميركي في موضوع تمويل المساعدات للنازحين السوريين وعودتهم، حيث قال: «في لبنان هناك 1.5 مليون لاجئ سوري مع كل العبء الذي يشكله ذلك على البلد من ناحية الكلفة والمخاطر التي يشكلها وجود اللاجئين على لبنان وديموقراطيته.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية تقود الحديث عن كيفية تحضير الظروف المناسبة على الأرض داخل سورية وكيفية تأمين الولايات المتحدة وشركائها العرب الظروف المناسبة على الأرض في سورية كي يتمكن هؤلاء اللاجئون من العودة الى بيوتهم. وهذه هي المهمة المحدَّدة التي يرغب فيها الشعب اللبناني»، مضيفاً: «أعتقد بصراحة أن عودة هؤلاء الأفراد هي الأفضل لهم. وعلينا أن نتأكد من أن الشروط مناسِبة لعودتهم، وهو موضوع ستكون الخارجية الأميركية في الصفوف الأمامية لتحقيقه».