IMLebanon

ماذا بعد موقفي موسكو وواشنطن بشأن النازحين؟

حزم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمتعته وطار الى موسكو، يحدوه أمل كبير بأن يعود منها حاملا وعدا بتزخيم الجهود الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم في اسرع وقت، انطلاقا من المبادرة الروسية في هذا الشأن. البطريركُ الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بدوره، كان على الموجة نفسها، حيث تمنى لرئيس الجمهورية “سفرا موفقا الى روسيا ليتمكن من ايجاد حلول لعودة النازحين الى سوريا”.

في قراءة سريعة لمواقف عون وفريقه السياسي في الفترة السابقة، يتبين انهما يعتبران المجتمعَ الدولي عموما، الغربي والاوروبي خصوصا، متواطئا في مسار هدفُه توطين اللاجئين حيث هُم، تحت “ستار” رفض عودتهم “الآمنة” اليوم، وربط هذه العودة بـ”انتظار الحل السياسي” في سوريا. وفي رأيهما، وحدها روسيا “صادقة” في جهودها للعودة. غير ان التطورات والمواقف التي سجّلت في الايام الماضية حملت مفاجأة من العيار الثقيل، وفق ما تقول مصادر سياسية “سيادية” لـ”المركزية”.

فآخر ما توقّعه المراقبون هو ان يسمع العون، في موسكو، ليس فقط “الموقفَ الدولي” من النزوح، بل موقفا يذهب أبعد، حيث ربط الروس العودةَ المنتظرة، بـ”إعادة الإعمار” في سوريا وليس فقط بالحل السياسي! وقد جاء في البيان المشترك الذي صدر في اعقاب القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعون ما يلي: “يؤيد الجانبان الجهود الرامية الى تطبيق مبادرة روسيا لتأمين عودة اللاجئين السوريين والمهجرين داخليا، ويؤمنان بأن حل هذه المشكلة يعتمد مباشرة على تهيئة الظروف المواتية في سوريا، بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية، من خلال اعادة الاعمار ما بعد الصراع. ويدعوان المجتمع الدولي والامم المتحدة والمنظمات الانسانية الى تأمين كل المساعدة الممكنة لهذه العملية”.

وإذ تشير الى ان بدت لافتة للانتباه موافقةُ الجانب اللبناني على هذا البند، كما هو، وقد ذُيّل البيان ككل بتوقيع عون، تقول المصادر انه، وفي المقابل، بدا الموقف الاميركي من القضية، والذي صدر في الساعات الماضية على لسان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، أكثر ليونة! فالاخير قال امام اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس النواب الاميركي: “في لبنان هناك 1.5 مليون لاجئ سوري مع كل العبء الذي يشكله ذلك على البلد من ناحية الكلفة والمخاطر التي يشكلها وجود اللاجئين على لبنان وديمقراطيته. وكانت وزارة الخارجية الاميركية تقود الحديث حول كيفية تحضير الظروف المناسبة على الارض داخل سوريا وكيفية تأمين الولايات المتحدة وشركائها العرب الظروف المناسبة على الارض في سوريا لكي يتمكن هؤلاء اللاجئون من العودة الى بيوتهم. وهذه هي المهمة المحددة التي يرغب بها الشعب اللبناني. وانا اعتقد بصراحة ان عودة هؤلاء الافراد هي الافضل لهم. وعلينا أن نتأكد من ان الشروط مناسبة لعودتهم وهو موضوع ستكون الخارجية الاميركية في الصفوف الامامية لتحقيقه”.

وعليه، ترى المصادر ان لا بد لهذه التطورات، ولاسيما “الروسية” منها، أن تضع حدا للسجال اللبناني-اللبناني ازاء كيفية اعادة النازحين. فلا يمكن لبيروت ان تكون في مواجهة المجتمع الدولي لتحقيق هدفها، بل وجودها في الخندق نفسه معه مفيد لها في ملف العودة. وبحسب المصادر، حتى وإن “وقّع” لبنان في موسكو على ربط العودة بإعادة الاعمار، فإن كل مكوناته تُجمع على “العودة الآمنة” للنازحين، والتي يمكن ان تحصل اليوم، من دون انتظار الحل السياسي، بالآلية المعتمدة حاليا من قِبل الامن العام، بعيدا من محاولات استخدامها للتطبيع مع دمشق، علما ان وتيرتها يمكن ان تُسرّع وتُزخّم، لو يبدي الرئيس بشار الاسد تعاونا اكبر معها!