IMLebanon

عون في قمة تونس: لبنان سيرفض التوطين قطعًا!

أشار رئيس الجمهورية ميشال عون إلى أن في حال “كانت المشاريع التي تحضر للمنطقة مقلقة فإن لبنان هو الأشد قلقًا، إذ يقلقنا إصرار المجتمع الدولي على إبقاء النازحين السوريين في لبنان رغم معرفته بالظروف السيئة التي يعيشون فيها ورغم معرفته بأن معظم المناطق السورية قد أضحت آمنة، ويقلقنا إصرار المجتمع الدولي على إبقاء النازحين السوريين في لبنان رغم معرفته بأن لبنان لم يعد قادرًا على تحمل هذا العبء الذي يضغط عليه من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ورغم تأكيد المنظمات الإنسانية الدولية أنّ 80% من النازحين يرغبون العودة الى أراضيهم وممتلكاتهم”.

وأضاف عون، في كلمته خلال القمة العربية التي تعقد في تونس: “يقلقنا مصطلح “العودة الطوعية” والتعاطي مع مليون ونصف نازح وكأنهم جميعًا لاجئون سياسيون بينما معظمهم لجأ بسبب الأمن أو الضائقة الاقتصادية التي ترافق عادةً الحروب، ويقلقنا الإصرار على ربط عودة النازحين بالحل السياسي، لا بل إعطاء الأولوية للحل السياسي، رغم معرفتنا كلنا بأنه قد يطول”. وسأل: “هل يسعى المجتمع الدولي لجعل النازحين رهائن لاستعمالهم أداة ضغط على سوريا وأيضًا على لبنان للقبول بما قد يفرض من حلول”؟

وذكّر عون بأن “القضية الفلسطينية المستمرة منذ 71 عامًا خير شاهد على عبثية ربط العودة بالحلول السياسية، وما يلوح بشأنها بعد كل سنوات الانتظار هو محاولة فرض تسوية لإبقاء الفلسطينيين حيث هم وتصفية قضيتهم”، مردفًا: “يقلقنا أيضًا السعي الإسرائيلي لضرب القرار 194 وحرمان الفلسطينيين نهائيًا من أرضهم وهويتهم وإقرار قانون “القومية اليهودية لدولة إسرائيل” ونكران حق العودة، مع ما يعني ذلك من سعي لتوطين فلسطينيي الشتات حيث يتواجدون، وللبنان الحصة الأكبر منهم”.

ولفت عون إلى أن “لبنان يضيق بسكانه، مع قلة موارده وضعف بنيته التحتية ومع جميع مشاكله الاقتصادية والاجتماعية، وهو لم يعد قادرًا على استضافة ما يوازي أكثر من نصف مواطنيه، وهو قطعًا لن يقبل بأي شكل من أشكال التوطين”، مشيرًا إلى أن “المساعدات العينية والمادية من المؤسسات الدولية لا زالت تُقدم للنازحين مباشرة من دون المرور بالقنوات الرسمية للدولة المستضيفة، وفي هذا تشجيع صريح لهم للبقاء حيث هم والاستفادة من كل التقديمات من دون أن يترتب عليهم أي موجبات، في حين تنوء الدول المضيفة تحت الأعباء المتزايدة عليها”.

وذكر عون أن “في قمة بيروت الاقتصادية دعونا المجتمع الدولي، وخصوصًا الدول المانحة إلى “الاضطلاع بدورها في تحمل أعباء أزمة النزوح وتنفيذ ما تعهدت به من تقديم التمويل للدول المضيفة لتلبية حاجات النازحين ودعم البنى التحتية، وكذلك تقديم المساعدات للنازحين في أوطانهم تحفيزًا لهم على العودة””، مؤكدًا أن “دعم الدول المضيفة للنازحين ضروري جدًا لكي تتمكن من الاستمرار، لكن ما يفوقه ضرورة هو تقديم المساعدات للنازحين العائدين في بلدهم، لتشجيعهم على العودة والمشاركة في إعادة الإعمار، عوض أن يبقوا مشردين، يتوقون الى سقف وطن يحميهم وأرضٍ هي عنوان كرامتهم وهويتهم”.

وفي شق آخر، رأى عون أن “الأخطر من الحرب هو المشاريع السياسية والصفقات التي تلوح في الأفق، وما تحمله من تهديد وجودي لدولنا وشعوبنا؛ فشرذمة المنطقة والفرز الطائفي يمهّدان لمشروع إسقاط مفهوم الدولة الواحدة الجامعة لمصلحة كيانات عنصرية طائفية وفرض واقع سياسي وجغرافي جديد يلاقي ويبرر إعلان إسرائيل دولة يهودية”.

وشدد على أن “اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان واعترافه قبل ذلك بالقدس عاصمةً لها ينقضان جميع القرارات الدولية بما فيها البند 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة حيث يتعهد أعضاء الهيئة “بالامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة””.

ونبّه عون إلى أن “قرار ترامب لا يهدّد سيادة دولة شقيقة فحسب، بل يهدّد أيضًا سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضي قضمتها إسرائيل تدريجيًا، لاسيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر. والملكية اللبنانية لهذه الأراضي مثبتة بالوثائق والخرائط المعترف بها دوليًا”.

وسأل: “كيف سنطمئّن بعد، نحن الدول الصغيرة، عندما تُضرب المواثيق الدولية والحقوق، وتُطعن الشرعية الدولية التي ترعى الحدود بين الدول التي اعترفت بها الامم المتحدة؟ ما هو مصير المبادرة العربية للسلام بعد الذي يحصل؟ هل ما زالت قائمة أم أُطلقت عليها رصاصة الرحمة وباتت بلا جدوى؟ ذلك أنه بعد ضياع الأرض ماذا يبقى من السلام؟ كيف ستُترجم الاعتراضات الدولية والاستنكارات والإدانات لما جرى ويجري؟ وهل سيتمكّن مجلس الأمن من حماية حق سوريا ولبنان في أراضيهما المحتلة؟ كيف سنواجه هذه المخططات وهذه الاعتداءات على حقوقنا؟ هل بحدود لا تزال مغلقة بين دولنا؟ أم بمقاعد لا تزال شاغرة بيننا هنا”؟

كما تساءل: “إن كنا ونحن مجتمعين موحّدين بالكاد نقدر على مجابهة مشاريع كهذه، فكيف الأمر إن كنا مبعثرين مشتّتين كما هو حالنا اليوم؟ هل نريد لسوريا أن تعود إلى مكانها الطبيعي بيننا والى الحضن العربي؟ هل نريد لليمن أن يعود سعيدًا وينعم شعبه بالأمن والاستقرار؟ هل نريد لفلسطين ألا تضيع وتُستباح معها القدس وكل مقدّسات الأديان؟ لا بل أكثر من ذلك، هل نريد لكل دولنا الأمن والاستقرار، ولشعوبنا الأمان والازدهار”؟

واعتبر أن في حال “كنا راغبين فعلًا بحماية دولنا وشعوبنا والمحافظة على وحدتها وسيادتها واستقلالها، علينا أن نستعيد المبادرة، فنسعى مجتمعين إلى التلاقي والحوار ونبذ التطرف والعنف، وتجفيف منابع الإرهاب”، مضيفًا: “لقد صرف العالم المليارات للتسليح والقتل والتدمير؛ فلو استُعملت تلك الأموال، أو بعضها، للتنمية والتعليم والتطوير والصناعة والزراعة والاستثمارات وخلق فرص العمل… فأي قفزة كانت ستحققها دولنا؟ وهل كان شبابنا وأطفالنا سيقعون فريسة للفكر المتطرف الذي يحولهم إرهابيين وآلات قتل وتدمير”؟