IMLebanon

الإصلاح وكذبة أول نيسان (بقلم رولا حداد)

لا مؤشر اقتصادياً أو مالياً إيجابياً حتى اليوم، لا بل إن كل المؤشرات توغل في السلبية إلى حد اليأس! شهران مرّا على تشكيل الحكومة، و11 شهراً على الانتخابات النيابية وسنة على مؤتمر “سيدر”، ولم يعرف لبنان من الإصلاحات الموعودة غير بعض الحبر على بعض القوانين التي أقرّت في مجلس النواب وتبقى من دون تطبيق!

وفي موازاة كل الملفات الكارثية المتراكمة تغيب القرارات والخطوات والإجراءات، ولو حتى إجراء يتيم. ويبدأ سيل الفضائح من تأخر إقرار موازنة الـ2019 في مجلس الوزراء حتى اليوم، رغم أنها تأخرت 6 أشهر على الأقل، ورغم أن الموازنات تبقى أساس اي إصلاح. فموازنة الـ2018 سُلقت على عجل قبل الذهاب إلى مؤتمر “سيدر” في باريس، وحاول المعنيون يومها “التذاكي” من خلال الكذب في الأرقام وإخراج عجز الكهرباء من متن الموازنة، ما يشكل فضيحة مالية ودستورية. ويصبح الوضع أكثر كارثية عندما نقرأ أن التوجه المطلوب هو خفض العجز في موازنة الـ2019 بما لا يقل عن 1% مقارنة بموازنة الـ2018، مع أن الإنفاق حتى اليوم يسير بحسب القاعدة الاثنين عشرية بناء على موازنة الـ2018 والتي كان الإنفاق تجاوزها بأشواط في أكثرية الوزارات في العام المنصرم. وبالتالي يصحّ السؤال: كيف يمكن خفض أرقام العجز بنسبة 1% عن موازنة الـ2018 إذا كان يجب إضافة عجز الكهرباء إلى متن الموازنة، وإذا كانت أكثرية الوزراء لم تلتزم بأرقام موازنة الـ2018 وتخطتها في الإنفاق بمبالغ كبيرة؟

وكيف يمكن إقرار موازنة الـ2019 إذا كان أي اتفاق لم يحصل حول ملف الكهرباء؟ وماذا عن وعد رئيس الحكومة سعد الحريري بتخفيض الدعم لمؤسسة كهرباء لبنان بما قيمته حوالى 600 مليون دولار في حين أن ما يحصل شهرياً هو دفع مئات آلاف الدولارات الإضافية كبنود جزائية للتأخر في تفريغ حمولة بواخر الفيويل والمازوت لزوم معامل الإنتاج؟ وكيف يمكن تجاوز واقع أن الإصلاح في قطاع الكهرباء هو البند الأول على جدول الإصلاحات المطلوب بموجب “سيدر” وبحسب تقارير البنك الدولي؟!

كيف يمكن وضع موازنة من دون الاتفاق على رؤية اقتصادية واضحة؟ وأي موازنة من دون إقرار سياسات التقشف والإصلاح والالتزام بها؟ وأي موازنة ولا أحد يعلن الأرقام الحقيقية لكلفة سلسلة الرتب والرواتب للسنة المقبلة، وهي أرقام تتمدد وتنمو في ظل استمرار التوظيف العشوائي والمخالف للقانون؟

يبدو واضحاً أننا وصلنا إلى الانهيار المالي والاقتصادي الشامل، أو فلنقل وصلنا مع وقف التنفيذ ربما لشهرين أو 3 أشهر كحد أقصى مع ترقب مزيد من التراجع في التصنيف الائتماني للبنان وخطر عدم قدرة الدولة على المزيد من الاستدانة لتخطي الاستحقاقات المالية القريبة المرتقبة، في حين أن المسؤولين يتلهون في جنس الملائكة وأنواع التراشق السياسي ومحاولات تسجيل النقاط وترتيب الصفقات… أما الإصلاح فلم تعد شعاراته تشبه غير كذبة أول نيسان. وكان الله يحب لبنان!