IMLebanon

لبنان المأخوذ بأزماته الداخلية «يشيح النظر» عن المَخاطر الإقليمية 

 

رغم «الصراخ» في لبنان على خلفية الحاجة إلى إجراءاتٍ «جراحية» مالياً واقتصادياً لتفادي الانهيار، فإن «إشاحةَ النظرِ» في بيروت عن أزمات المنطقة لا يعني انتفاء مخاطرها على الواقع الداخلي الذي يرتكز ستاتيكو الاستقرار فيه على معادلةٍ طرفُها الأول «حزب الله» الذي يحاذر التفريط بما يعتبره مكاسب حقّقها في «الاستراتيجي» كما في لعبة السلطة، وطرفُه الثاني خصومه الذين «يحتمون» بسياسة «ربْط النزاع» من ضمن ما يرون أنه مسار صمودٍ للحد من الخسائر نتيجة اختلال موازين القوى الاقليمية.
وفيما كانت الأنظار أمس على قمة تونس العربية وموقف لبنان الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واللقاءات التي عقدها على هامشها وإيلائه قضية الاعتراف الأميركي بسيادة اسرائيل عليه أهمية كبيرة، اعتبرتْ أوساطٌ سياسية أن الانشغال المحلي بالعناوين المالية – الاقتصادية على أهميتها كانعكاسٍ لحراجة ما بَلَغَه وضعُ ماليةِ الدولة والعجلة الاقتصادية ينبغي ألا يُسْقِط الاهتمام بالوقائع الاقليمية المرشّحة لمزيد من الفصول الساخنة.
وتقول هذه الأوساط عبر «الراي» إنّ «ديبلوماسية المواجهة» التي تعتمدها الولايات المتحدة مع إيران وأذرعها وفي مقدّمها «حزب الله» تعتمد مساراً متدحرجاً لا عودة عنه، عَكَس مرتكزاته بوضوح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إبان زيارته لبيروت وما تخلّلها من «رسائل نارية» برسْم طهران والحزب، لافتة إلى ان هذه المواجهة تضرب موعداً مع رزمة جديدة من العقوبات من ضمن استراتيجية إحكام الطوق على إيران وصادراتها النفطية و«قطع الأوكسيجين» المالي عن «حزب الله»، الأمر الذي يؤشّر إلى أن أفق «المشكلة الإيرانية» محكوم في خواتيمه إما بـ DEAL اضطراري أو بحرب كبيرة.
وإذ تلفت الأوساط إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تعتمد خطاً ثابتاً في المعركة لإعادة إيران الى داخل إيران، وأن الرئيس دونالد ترامب نَزَع «صندوقة البريد» قاطعاً الطريق أمام أي رسائل ابتزازية تعوّدت عليها طهران باستخدامها ساحات المنطقة لليّ ذراع واشنطن وحلفائها، ترى أن العيون ستبقى شاخصة على الخطوات التي ستعتمدها إيران في التعامل مع «الهجوم» الأميركي لـ«خنْق» مشروعها ومطاردة أذرعها في أكثر من ساحة.
ورغم نفي «حزب الله» الكلام الذي نُسب الى نائبه نواف الموسوي عن احتمال حربٍ إيرانية مع أميركا واسرائيل في مايو المقبل تعقب بدء تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على إيران لمنْع تصديرها برميلاً نفطياً واحِداً، فإن هذه الأوساط لا تقلل من وطأة سيناريوات قد تقود الى انفجار على طريقة «طنجرة الضغط»، الأمر الذي يعكس دقة الوضع في لبنان العالق بين مساعٍ صعبة لفكفكة «القنبلة الموقوتة» المالية – الاقتصادية وبين الصواعق الإقليمية «المربوط» بها عبر «حزب الله».
وكان الصحافي عبدالباري عطوان نَقَلَ أجواء لقاءٍ مع الموسوي قال إنه جاء بعد يومين من جلسةٍ عقدها نائب «حزب الله» وآخَرين مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله (الأسبوع الماضي) واستمرّ لأكثر من خمس ساعات.
وبحسب عطوان، فقد أكد الموسوي أنّ «الثالث من مايو المقبل قد يكون يوماً تاريخياً، وعندما طلبت منه التّوضيح قال إنّه يوم تطبيق المرحلة الثانية من العُقوبات الأميركيّة على إيران (…) وقال بالحرف الواحد إنّ إيران ستُصبح أمام خِيارين: الأوّل أن تترُك أميركا تُجوّع سبعين مليون إيراني وبِما يُؤدّي إلى تقويض النظام من الداخل، وهذا ما لن تسمح به القيادة الإيرانيّة، أو أن تدخل في حرب مع أميركا وإسرائيل وحُلفائهما في المِنطقة، ولذلك فإنّ الرّد العسكريّ سيكون حتمياً، ومهما كانت النتائج. أمّا أين سيكون الرّد وكيف، فهذا ما رفَض الحديث عنه، وقال إنّ هذا سيكون متروكاً للعسكريّين، ولكنّه لم يستبعِد أن يكون (حزب الله) وآخَرون في قلب المعركة».
وفيما نفى «حزب الله» ما نقله عطوان عن الموسوي، معتبراً أنه «لا يعبّر أبداً عن مضمون اللقاء الذي كان لقاء شخصياً غير معدّ أساساً للنشر»، توقفت الأوساط المتابعة أمام حرْص الحزب على التقليل من احتمالات الحرب وذلك بلسان رئيس كتلة نوابه محمد رعد الذي أكد أن هذه المرحلة «لا توجد فيها حروب، وأما الذين يروّجون للحروب، فهم الذين يحاولون تعكير صفو أي إصلاحٍ في الداخل».
وإذ عَكَسَ كلامُ رعد أولوية «حزب الله» الداخلية في «مقاومة الفساد» وتَحسُّسه بالمخاطر المالية – الاقتصادية، فإن هذا الجانب سيعود الى الواجهة في بيروت ابتداءً من اليوم وسط سباقٍ فعلي بين محاولات إطلاق مسار الإصلاحات المؤلمة وبين المهل التي بدأت تنفذ أمام الحكومة لإظهار جديّتها في التكيف مع متطلبات الاستفادة من مقررات مؤتمر «سيدر».
وكان لافتاً أمس، كلام رئيس لجنة المال والموازنة البرلمانية النائب ابراهيم كنعان (من فريق رئيس الجمهورية) عن «اننا أمام واقع مالي واقتصادي خطير لكنه قابل للتغيير شرط عدم إضاعة الاصلاح بالسجالات السياسية»، مؤكداً «العهد يقوم بمحاولة جدية لتغيير الوضع ويجب عدم العرقلة لأن (رقبة الجميع) تحت (المقصلة) اذا لم يكتب للخطوات الإصلاحية النجاح».