IMLebanon

جعجع: نحن ضد التيار الكهربائي لا السياسي

نحن ضد التيار الكهربائي لا السياسي”. هكذا يصف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مقاربة الحزب للاشتباك السياسي مع “التيار الوطني الحر”. فحينما اتخذ وزير البيئة فادي جريصاتي خطوات تستحق التقدير اثنينا عليها وتقدمنا منه بالتهنئة. ومنذ انتخاب الرئيس ميشال عون الذي اسهم الحزب اسهاما فعليا في ايصاله الى قصر بعبدا لا تنفك معراب تثني على معظم مواقفه الوطنية. فكيف اذا نكون ضد التيار الوطني الحر؟

يؤكد جعجع، في حديث لـ”المركزية”، جهوزيته لأي لقاء يمكن ان يرأب الصدع مع المعنيين في التيار الا انه يعرب عن اعتقاده ان الامور ابعد من الشكليات. ليست القوات وحدها من يثير ملاحظات على خطة الكهرباء بل الكون بأكمله. من مانحي “سيدر” الى البنك الدولي والبنك الاوروبي، والاحزاب وكل مواطن من اقصى الشمال الى اقصى جنوب لبنان ينادي بمعالجة صحية وجذرية للكهرباء توقف الهدر وتعيد التيار. حتى في اللجنة الوزارية لدرس خطة الكهرباء تتكامل مواقفنا مع مواقف حلفاء التيار. فلمَ التصويب والقنص والتجريح الشخصي بحق القوات فقط؟

في تقديري، يضيف جعجع، ان البعض ما زال مصرا وماضيا في الصفقات ويحاول تمرير البواخر حيث المصالح الكبرى، وهنا بيت القصيد. اذ ان معارضة القوات الشرسة تمسّ بهذه المصالح بالذات وتمنعها وستستمر في هذا المنع، ذلك ان من غير المعقول ان تمرر صفقات من هذا النوع عبر مجلس الوزراء الذي نشكل جزءا منه ولا نتخذ الموقف المناسب. هذا احد الاسباب الاساسية التي تدفع هؤلاء الى حرف السجال نحو الشخصي وافتعال حرب شاملة بين القوات والتيار في حين لا حرب بينهما والعلاقة على مستوى القواعد لا زالت على حالها ولم تتأثر بما جرى أخيرا.

اما السبب الآخر والاهم في رأيي، يقول جعجع، ان البعض يعتقد انه لن يتمكن من جمع التيار الا من خلال تذكيره بالعدائية مع القوات، معتبرا ان هذه العدائية امنت لمّ الشمل في الزمن الغابر، وليس المشروع السياسي. هذا البعض يسعى في كل مناسبة لافتعال المشهد نفسه، علّه يجمع التيار حوله على غرار ما كان عليه خلال رئاسة العماد عون. للاسف ان المصالح الضيقة والشخصية تحرف الامور دائما في اتجاه تشويه علاقة الحزبين. وللمناسبة، اوجه دعوة الى كل قواتي ومناصر وصديق ومؤيد ومتعاطف مع القوات لعدم الانجرار الى معارك مع التيار ولتبق الردود، خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي محصورة بالموضوع الكهربائي، لمنع الانزلاق الى حيث يريد البعض وحرف الفكرة الاساسية عن مساره عبر “تضييع الشنكاش”، لكسب شعبية عن طريق الخلاف القواتي- العوني.

وما السبيل الى الحل؟ يجيب جعجع: ما دام البعض يجد مصلحته بافتعال الاشتباك في شكل دائم، فلا حول ولا قوة، تماما كما ان هذا البعض يجد اقصى مصلحته في تمرير بواخر الكهرباء على رغم كل ما جرى. واجبنا البقاء على يقظة تامة للمواجهة، لأن ثمة مصالح شخصية كبرى في البواخر او مصالح اخرى يعتبر اصحابها انها لا تتأمن الا عبر هذه الطريقة، من دون النظر الى التداعيات الخطيرة.

ما حقيقة التقدم في اجتماع لجنة الكهرباء الاثنين؟ يؤكد جعجع انه تم الاخذ بالكثير من ملاحظات القوات على الخطة. وهذا دليل الى ان لا علاقة لملف الكهرباء بالاشتباك السياسي المفتعل. البحث سيستكمل الثلثاء، لتوضيح وتعديل بعض النقاط الاخرى وصولا الى افضل الحلول عبر خطة تضع حدا للوضع المزري. اما يتعلق بالحلول الموقتة اود التأكيد اننا لسنا ضد البواخر او المعامل الموقتة او مع الارض ضد البحر او العكس. ليست المسألة على هذا النحو. ان كل كيلوواط يوضع على الشبكة راهنا، يتبخر نصفه قبل وصوله الى حيث يجب من خلال الهدر التقني والخسارة في الجباية والفوترة والتعليق على شبكات الدولة. فأين الحكمة والمصلحة في استخدام الحل الموقت؟ المنطق يقضي بالتركيز على سد الهدر في الشبكة والشروع في بناء معامل دائمة لأنها الأفضل، خصوصا ان يمكن ان تنشأ بالشراكة مع القطاع الخاص من دون اي تمويل من الدولة، وحينما يخفض الهدر في الشبكة الى الحد المقبول يصبح البحث مفيدا في امكان الاستعانة بالحل الموقت.

اما الموازنة التي لم تقر بعد على رغم التحذيرات الدولية، فيعتبر جعجع ان المشكلة تكمن في التوازن المالي العام للدولة. ان اول خطوة ضرورية هي الموازنة. وزراء القوات الاربعة راجعوا الرؤساء في اسباب التأخير عبر مذكرة اكدوا فيها وجوب بت الموازنة في اول جلسة لمجلس الوزراء، لأن لبنان اصبح في خطر ولم يعد متجها نحوه، وحتى الساعة لم نتمكن من معرفة اسباب التأخير. المطلوب اقرار موازنة ثورية تخفض العجز بحدود 3 بالمئة وأكثر اذا امكن، لتجنب الهاوية. هذه اشارة لبداية العودة الى المسار الطبيعي.

وعن قراءته لزيارة وزير خارجية فنزويلا خورخي ارياسا لبيروت ومن ضمنها لقاء مع امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله، يقول جعجع: ان طبيعة العلاقة القائمة بين الحزب ونظام نيكولاس مادورو معروفة. من هنا تمكن قراءة الزيارة، لاسيما في ظل تدهور الاوضاع في فنزويلا. ولا علاقة للزيارة بالدولة اللبنانية ومصالحها، فأين المصلحة مع دولة، النظام فيها غير واضح والسلطة غير معروف من يمسك بزمامها وتمر بظروف متموجة بين العنف والهدوء؟

وفي الحركة الاميركية الروسية تجاه لبنان وتحديدا ما يتصل منها باعادة النازحين، يوضح جعجع ان لا حل للملف قبل الاتفاق على ان عودة النازحين هو قرار سيادي لبناني. قد تكون المساعدة الخارجية بين روسيا والمجتمع الدولي مفيدة الى حد ما، غير ان النقطة الاساس تكمن في ان بشار الاسد لا يريد عودة النازحين، ويبقى علينا للمعالجة اعتبار الموضوع سياديا لبنانيا يتوجب البحث فيه واتخاذ القرارات المناسبة انطلاقا من المصلحة اللبنانية العليا وليس من اي اعتبار آخر.