IMLebanon

عيون العالم ترصد خطة الكهرباء

بعد ثلاثة أشهر تقريبا على إبصارها النور، تحرّكت المياه الراكدة في قنوات حكومة “الى العمل” وتمكّنت من الشروع في المهامّ الكثيرة الملقاة على عاتقها، ففتحت أوراق ملفي الكهرباء والموازنة ووضعتها على طاولتها تمهيدا لاتخاذ قرارات في شأنها. هذه الانطلاقة “البطيئة” نظرا الى حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، والتي كان يُفترض ان تحصل أياما بعيد تشكيل الحكومة، أتت متأخّرة، لكن ذلك يبقى “أفضل من الا تأتي أبدا”. واليوم، يتطلّع اللبنانيون ومعهم المجتمع الدولي بأسره، الى مآلها، ويرصدون باهتمام بالغ الشكل الذي ستتخذه خطة الكهرباء، وأيضا مشروع الموازنة لعام 2019. ففي ضوئهما، سيتحدد الى حدّ كبير، موقفُ الدول المانحة من مساعدة لبنان، او عدمه. وبحسب ما تقول مصادر مراقبة لـ”المركزية”، يشكّل هذان “الركنان” حجر زاوية “هيكل” الاصلاحات التي تعهّدت الحكومة بإطلاقها، ووضعتها هدفا أوّل لها، يتقدّم على كل ما عداها من ملفات وقضايا. وفيما أجمعت الشخصيات والوفود الدولية، السياسية والاقتصادية، التي زارت بيروت بعيد تشكيل الحكومة، وآخرها مسؤولون في البنك الدولي والبنك الاوروبي، على “نصيحة” الدخول الى “ورشة” النهوض الاقتصادي المنشودة، من بوّابتي “الكهرباء” و”الموازنة”، يبدو ان هذه الارشادات أخذت في الاعتبار، فتكثّفت الاتصالات والمشاورات الداخلية على هذين الخطين حتى بات المشروعان “على لياليهما”.

واذا كانا اليوم يسيران في خطين متوازيين، الا انهما يلتقيان في مكان مفصليّ. فالكهرباء اليوم، تُعتبر احد أكبر مزاريب الهدر ومن أهمّ أسباب عجز الخزينة. وعليه، فإن العيون شاخصة الى مجلس الوزراء الذي سيقر خلال ساعات او ايام خطة معالجة أزمة الكهرباء المزمنة. وهنا، الحاجة ملحّة، وفق ما تقول مصادر اقتصادية لـ”المركزية”، لأن تلحظ اجراءاتٍ عملية جدّية لوقف الهدر، قبل الإقدام على أي خطوات أخرى، لان اي تدابير قد تُعتمد في ظل الوضع الراهن، لن تعطي النتيجة المرجوة كون الشبكة” مهترئة” وهناك خسارة لنحو 40 % من التغذية، بسبب وضعها الكارثي. ومن الضروري اعادة تأهيلها لتتمكّن من ايصال الطاقة كاملة، الى المستهلك، مع نسبة معقولة من الهدر. وبعد تحقيق هذا الاصلاح، وتأمين ساعات تغذية اضافية (على الارجح، ستتكفّل الشركات التي ستُلزّم انشاء معامل، تأمينَ هذه التغذية “جزئيا” في المرحلة الانتقالية)، يُصار الى العمل على رفع التعرفة (زيادة سعر الكيلواط)، فيصبح ذلك مقبولا كون المواطن سيتخلّى تدريجيا عن خدمات المولدات.

“موازنتياً”، ترى المصادر ان ما رشح منها حتى الساعة مشجّع، خاصة لناحية التخفيضات التي تشملها والتي تشير الى ان العجز في الموازنة قد ينخفض 2.5 في المئة، بعد ان كان متوقعا ان يقتصر على 1 في المئة. وفي وقت تسأل المصادر عما اذا كانت الحسومات التي ستَقتَطِع جزءا لا بأس به، من “موازنات” الوزارات، ستمرّ بسلاسة ومن دون ضجيج في مجلس الوزراء، تقول ان وجود “غطاء” سياسي لتدابير “شد الاحزمة”، يسهّل إقرارها..فهل هو مؤمّن؟

في الموازاة، وبينما يطمئن المعنيون الى ان الموازنة لا تلحظ اي اجراءات ضريبية تطال جيب المواطن، تكثر الاسئلة حول القرارات “الموجعة” التي تتضمنها وما اذا كانت تشمل “سلسلة الرتب والرواتب” (علما أن لو أُخذ اقتراح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تقسيطها على ثلاث سنوات، لما وصلت الامور الى حافة الافلاس الذي بلغه لبنان اليوم)، أو وضع 5000 ليرة على صفيحة البنزين..هذه القرارات ستغضب الشارع ومن الافضل للحكومة تفاديها، والذهاب الى “مغاور” المباني المستأجرة ومكافحة التهريب، بدلا منها، لأكل العنب لا قتل الناطور!