IMLebanon

“ليل الاثنين”: تعميم ثقافة اللاشيء! (راجي كيروز)

أصبح ليل الاثنين مرتبطًا بالبرامج “الاجتماعية” على التلفزيون اللبناني، التي تتنافس من خلالها المحطات. وبعد أن كان المعيار الـrating، أصبح اليوم المعيار الـ”ترند” على “تويتر”، والكل يقول عن نفسه الأول خلال حلقته. الأمر نفسه ينطبق على الأيام الأخرى، لكن ينتقل إلى أشكال سياسية وكوميدية، باسثناء القليل الذي يبقى “اجتماعيًا”.

الجميع يعلم أن جوهر كل البرامج التلفزيونية اليوم هو السعي إلى جذب المشاهدات على حساب أي معيار مهني أو أخلاقي، وهذا في الأساس سبب فشلها. الكل يركض خلف الترند الأخير على مواقع التواصل الاجتماعي ويحاول استضافة “صانعه” قبل غيره، حتى وصل الأمر بأحد البرامج إلى التواصل مع “أسير الأحزان” من السعودية، حيث ظن مقدم البرنامج أنه حقق إنجازًا صحافيًا بمقابلة شخص عشوائي يسخر منه رواد مواقع التواصل، كما يفعلون مع كل شخصية – موضة جديدة.

حجة مقدمي تلك البرامج أن الحالات التي يستضيفونها موجودة، وبالتالي الحديث عنها مشروع. طبعًا الحديث مشروع، لكن ثمة فرقًا بين حالة موجودة ومعممة ويجب معالجتها، وشخصية أخرى فارغة ووجودها مقتصر على لحظات نجومية وهمية على الإنترنت. الحالة الموجودة التي تستحق وقتًا على شاشات التلفاز ومن وقت المشاهدين هي الحالة المرتبطة بآفة اجتماعية، أو بـ”تابو” اجتماعي حقيقي. علمًا أن عندما يعالج مقدمو تلك البرامج حالات كهذه، يجرّدونها من إنسانيتها وتصبح مجرد هدف جديد لجذب المشاهدين، إذ تقوم المعالجة بشكل تام على النَفَس الفضائحي.

المشكلة في إعطاء الهواء لأي يكن هي تعميم ثقافة الخفة واللاجوهر. إنها مجرد أمور سطحية لا تغني ولا تضيف شيئًا، وما يجب أن يقوم به الصحافي هو تخطي مواقع التواصل الاجتماعي والتركيز على ما وراء الحدث، بدلًا من أن يعيد إنتاج ما يتناقله مستخدمو مواقع التواصل.

والمشكلة الأخرى هي أن التلفزيون اللبناني أصبح مرتبطًا بالسطحية حكمًا، فحتى لو قدّم أحدهم برنامجًا مميزًا، أو حلقة مميزة في برنامجه غير المميز، لا أحد ينتبه لذلك، ولا أحد يتكلم عن ذلك، حتى أصبح التعميم مجازًا، رغم عدم صحة ذلك.

والحق ليس على الضيف الذي لن يفوّت فرصةً، بطبيعة الحال، لظهور تلفزيوني سيسجّله التاريخ من بين لحظات كثيرة أصبحت محفورةً في ذاكرتنا الجماعية، إنما الحق على الإعلامي الذي يستسهل فرصته النادرة بامتلاك منصة بهذه الأهمية يتواصل من خلالها مع الرأي العام، فيضيعها بتفاصيل عابرة كهذه.