IMLebanon

هل حِميَة Ornish مفيدة لكم؟

كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:

في ظلّ التركيز المكثف على البروتينات الحيوانية والمأكولات الغنيّة بالدهون التي تدعو الحميات الشائعة حالياً إلى تناولها بكثرة، كالـ«Paleo» والـ«Keto»، قد يكون من الصعب تصديق أنّ الأنظمة الغذائية القليلة الدهون، مثل حمية أورنيش (Ornish Diet)، كانت الـ«Trend» منذ نحو عقدين. فهل يجب إعادتها إلى الواجهة؟

تصدّرت حمية أورنيش المراتب الأولى منذ أعوام كأفضل نظام غذائي في التصنيفات العالمية. فما أبرز قواعدها وأهمّ ميزاتها؟

أوضحت اختصاصية التغذية، ناتالي جابرايان، لـ«الجمهورية» أنّ «حمية أورنيش لا تتخلّل أي خرافات غذائية، بل إنها ببساطة نوع من الحميات النباتية التي تخلو تماماً من البروتينات الحيوانية، والسكريات، والكربوهيدرات المكرّرة، والزيوت.

      ناتالي جابرايان

إنها تركّز على مختلف أنواع الفاكهة، والخضار، والكربوهيدرات المعقدة والطبيعية كالفاصولياء والبقوليات، ومنتجات الحليب الخالية من الدسم. أمّا الدهون، كالمكسرات والبذور، فيجب ألّا تتخطّى الـ10 في المئة من مجموع السعرات الحرارية اليومية. فضلاً عن أنها تدعو إلى التحكم في التوتر عن طريق اليوغا والتأمل والتنفس العميق، والإقلاع عن التدخين، وخفض احتساء الكحول، وتناول وجبات أصغر حجماً مع الحرص على الأكل كل ساعتين، والتشجيع على ممارسة 30 دقيقة من الرياضة 5 مرّات أسبوعياً أو 60 دقيقة 3 مرّات في الأسبوع، والتركيز خصوصاً على الآيروبيك لحرق الدهون، جنباً إلى تمارين المقاومة، ورفع الأثقال الخفيفة».

حماية القلب

وكشفت عن أنّ «حمية أورنيش اعتُبرت الأفضل في الوقاية من أمراض القلب مقارنةً بالأنظمة الغذائية الأخرى. فسُعراتها الحرارية تتألف فقط من 10 في المئة من الدهون، وهي تضع حدّاً للأطعمة الغنيّة بالكولسترول، والكربوهيدرات المكرّرة، والزيوت، وكثرة الكافيين، وتقريباً كافة المنتجات الحيوانية باستثناء بياض البيض وكوب من الحليب أو اللبن الخالي من الدسم.

وفي المقابل فهي تسمح باستهلاك المكسرات، والبذور، والألياف، والكربوهيدرات المعقدة، ونحو 2 أونصة من الكحول في اليوم كحد أقصى. غير أنّ غالبية الأبحاث التي أُجريت تطرّقت إلى الحمية مع الرياضة، أو الحمية مع توقيف التدخين…».

خسارة الوزن

وعن تأثيرها في الوزن، لفتت جابرايان إلى «وجود جدال حول هذا الأمر لأنّ التقيّد بحمية أورنيش يختلف من شخص إلى آخر لناحية الحصص، والحصول على أفضل المغذيات التي تدعو إلى تناولها. لكن من أبرز الدراسات العلمية التي أُجريت في هذا الصدد، واحدة نُشرت في «Journal of the American Medical Association» عام 1998، شملت مجموعة من متابعي حمية أورنيش تمكنوا من خسارة نحو 9 كلغ خلال عام واحد. وبعد مرور 5 سنوات، تمكنوا من الحفاظ على نحو 6 كلغ من هذه الخسارة، أي أنهم اكتسبوا بعض الوزن ولكن أقلّ مما كانوا عليه بادئ الأمر.

وفي دراسة أخرى نُشرت في «American Journal of Health Promotion» عام 2010، تقيّد 1300 مشارك بحمية أورنيش، وبعد مرور عام تمكنوا من عكس أمراض القلب وخفض مؤشر كتلة الجسم من 32 إلى 29 كلغ/م2.

كذلك أظهر بحث صدر عام 2007 في «Journal of the American Medical Association»، شمل 300 شخص معظمهم استهلكوا 10 في المئة فقط من الدهون والقليل من الكربوهيدرات والدهون المشبعة، أنهم تمكنوا من خسارة 3 إلى 5 كلغ في المتوسط.

إيجابياتها وسلبياتها

وعمّا إذا كان من السهل الالتزام بحمية أورنيش، شرحت خبيرة التغذية أنّ «الأمر يقتصر على الهدف الذي يصبو إليه الشخص. فإذا كان يريد خفض الإصابة بأمراض القلب، فهذا النظام سيكون أكثر تقييداً لأنه يستدعي تقليل مأكولات كثيرة.

وذكرت دراسات عديدة أنه من الصعب جداً الاستمرار في تناول كمية ضئيلة جداً من الدهون، وبالتالي فإنّ الذين لا يشكون من اضطرابات في القلب يمكنهم تناول أكثر بقليل من 10 في المئة من الدهون الجيّدة».

وتابعت حديثها قائلةً إنّ «حمية أورنيش تملك إيجابيات كثيرة تشمل التشجيع على استهلاك كمية عالية من الخضار والفاكهة والألياف لا تؤمّنها الأنظمة الغذائية الأخرى، وغالبية وجبات الطعام تكون منخفضة الصوديوم الأمر الذي يؤثر إيجاباً في حالات احتباس السوائل والضغط العالي. ناهيك عن أنها تدعو إلى تقليل كمية السكر والكربوهيدرات المكرّرة والكحول، وبالتالي تُجنّب السعرات الحرارية الفارغة، وتناول مأكولات منخفضة الحموضة وغنية بالمعادن الأمر الذي يؤثر إيجاباً في صحّة العظام، من دون نسيان أهمّية الرياضة المنتظمة لتعزيز صحّة القلب.

لكنّ هذه الخصائص تُقابلها نقاط سلبية عديدة أهمّها صعوبة في اتّباع حمية أورنيش على المدى الطويل بسبب الانخفاض الشديد في الدهون، والعجز عن استهلاك كمية مُرضية حتى من المكسرات والبذور النيئة غير المملّحة، الأمر الذي يمنع الحصول على جرعة جيّدة من الأوميغا 3 المفيدة للقلب.

كذلك، وفي حال عدم التخطيط جيداً للوجبات الغذائية، قد يتعرّض الشخص لنقص في الحديد والفيتامين B12 الأساسيين للدورة الدموية وعملية الأيض. ونتيجة عدم تناول اللحوم والسكريات، من المحتمل جداً أن يزداد الشعور بالجوع».

وخِتاماً، علّقت جابرايان: «صحيح أنّ حمية أورنيش تدعم خسارة الوزن وصحّة القلب، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها مدى الحياة لأنها لا تؤمّن الشعور بالرضا والشبع بسبب غياب الكميات الجيّدة من الدهون والبروتينات. وانّ تطبيقها يجب أن يتمّ بإشراف الطبيب أو اختصاصية التغذية، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالمراهقين والحوامل والمرضعات، تفادياً لأي نقص في أهمّ المغذيات».