IMLebanon

هل ينتهي مشوار العدالة عند صدور الحكم؟

بعيدا من الشؤون والشجون اللبنانية، تواصل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أعمالها في لاهاي، بصمت والتزام تامّين، وتُسرع الخطى نحو اصدار حكمها النهائي في جريمة “العصر”، اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، بالاضافة الى 12 عمليّة مرتبطة بها. القرار المنتظر لم يعد بعيدا، اذ تفصلنا عنه أشهر معدودة. فرئيسة المحكمة الدولية القاضية ايفانا هردليشكوفا الموجودة في لبنان، جالت امس بين دار نقابة محامي طرابلس ووزارتي العدل والداخلية، يرافقها نائبها القاضي رالف رياشي والمحامي نيكولا غيو، عارضة لمسار التحقيقات والمحاكمات في المحكمة. وبعد لقائها وزير العدل البرت سرحان، أوضح الاخير ان القاضية “شرحت لنا تفاصيل أصول المحاكمات، وهي أصول خاصة ومعقدة بعض الشيء، وطمأنتنا الى ان الأحكام ستصدر قبل نهاية هذه السنة”، مضيفا “ابديت كامل استعداد الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة العدل للتعاون مع المحكمة في كل ما تطلبه منا، كما أنهم أثنوا على تعاون الجانب اللبناني، خصوصا وأنه يتحمل الجزء الأكبر من نفقات المحكمة”.

وبحسب ما تقول مصادر مطّلعة لـ”المركزية”، الحكم في قضية الحريري قد يصدر في الخريف المقبل والتحقيقات والمعلومات التي في حوزة المحكمة، تقود الى ان ثمة ترابطا كبيرا بين هذه الجريمة من جهة واغتيال جورج حاوي ومحاولتي اغتيال النائب مروان حماده والوزير السابق الياس المر، من جهة ثانية، كما تُحرز التحقيقات في محاولة اغتيال الوزيرة مي شدياق واغتيال الصحافي جبران تويني، تقدّما.

غير ان السؤال الذي يفرض نفسه امام الرياح القوية التي ستهبّ على لبنان من ليشندام، هو “كيف ستتعاطى معها الدولة اللبنانية، أكان على صعيد تنفيذ الحكم او على صعيد تردداته السياسية”؟ فمن المعروف انه، وبعد صدور الحكم، سيتعين على بيروت تطبيقه، أي توقيف المُدانين بالجريمة، وسوقهم الى القضاء ليخضعوا للمحاكمة، ولا دور للمحكمة الدولية في هذاالمجال.

المتهمون باتوا معروفين، 5 عناصر من حزب الله هم: “مصطفى بدر الدين، سليم العياش، حسن عنيسي، حسن حبيب مرعي وأسد صبرا”، الا ان ذلك لا يعني ان توقيفهم سهل أو في متناول اليد. فالحزب الذي لا يعترف اصلا بالمحكمة الدولية ويراها أداة أميركية- صهيونية، سارع الى وضع المتهمين في خانة “القديسين”، ما يعني ان اي محاولة لتوقيفهم ستشعل فتنة وربما حربا داخلية. كما ان قسما من هؤلاء موجود خارج البلاد، وبعضهم يُقال انه توفي خلال مشاركته في الحرب في سوريا.

والارجح في ضوء هذه الاعتبارات، ان ينتهي مسارُ المحاكمات مع صدور الحكم ولا يتطوّر الى توقيف المتهمين وسوقهم الى هولندا، الا اذا… تغيّرت التوازنات الاقليمية وتاليا المحلية، وانقلبت رأسا على عقب، متّخذة أبعادا جديدة لا يتمتّع فيها حزب الله بفائض قوة عسكري وسياسي في لبنان، بحسب المصادر.

أما سياسيا، فصحيح ان القرار سيحدث ضجيجا فوق الساحة المحلية، الا انه لن يُصار الى استغلاله او استثماره من قِبل المستفيدين منه اي تيار المستقبل ومكوّنات فريق 14 آذار سابقا. فوفق المصادر، الرئيس سعد الحريري أعلن من امام مبنى المحكمة في لاهاي، ربط نزاع مع حزب الله، مقدمًا السلم الاهلي والمصلحة الوطنية على اي اعتبارات اخرى، كما اكد مرارا انه يريد العدالة والحقيقة ولا يريد ثأرا او انتقاما، وهو سيكتفي بصدور القرار، علّ إدانة المجرمين، ولو لمرّة، تردعهم، وتضع حدا نهائيا لاجرامهم المتوالي فصولا دونما حسيب او رقيب، منذ عقود.  فهل يُقابَل موقفُ “رجل الدولة” هذا، بآخر مماثل من حزب الله؟