IMLebanon

عون والحريري خطان متوازيان لا يلتقيان “دوليا”

لا ينفصل قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إدراج الحرس الثوري الايراني على لائحة “المنظمات الارهابية” عن السياسة الأميركية القاضية بمواجهة ايران وحلفائها في المنطقة، كما عن القرارات الكبيرة التي اتخذها ترامب في السنتين الماضيتين، محدثا مفاجآت غير مسبوقة عالميا، ليس أقلها الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل والاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل. على أن الصاعقة التي أحدثها القرار الأميركي في شأن الجولان ليست وحدها ما يفترض أن يشد اهتمام اللبنانيين إلى هذه القضية الشائكة، خصوصا أنها تركت آثارا محلية مهمة تحمل دلالات سياسية كبيرة.

ففي أول تعليق له على القرار الأميركي، عمد الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى إلقاء خطاب هادئ- في خطوة غير متوقعة نظرا إلى قضية بحجم ملف الجولان-، من دون أن يفوّت على نفسه فرصة القنص في اتجاه الدول العربية ومساعيها إلى تسوية النزاع التاريخي مع اسرائيل، بدليل أنه لم يتوان عن دعوة الجامعة إلى سحب المبادرة العربية للسلام التي اقترحها ولي العهد السعودي آنذاك عبدالله بن عبد العزيز وأقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002.

غير أن الأهم يكمن بطبيعة الحال في التماهي التام بين موقف نصرالله وكلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القمة العربية التي عقدت أخيرا في تونس. ذلك أن عون طرح، في خطابه، تساؤلات عن “جدوى” المبادرة العربية التي أقرت عام 2002، وذلك بعد أيام معدودة على  إطلالة نصرالله.

وفي وقت بدا لافتا القفز الجماعي العربي فوق تساؤلات عون، حيث جدد القادة المجتمعون في تونس “التمسك بالمبادرة العربية للسلام من دون أي تحفظ”، على ما جاء في البيان الختامي للقمة، نبه مراقبون عبر “المركزية” إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يسجل فيها انسجام سياسي و”ديبلوماسي” استراتيجي على خط بعبدا-الضاحية. ذلك أن الرئيس عون سبق له أن سجل عددا من المواقف المتناغمة مع تلك التي يطلقها صقور الحزب، حيث أعلن، قبيل زيارته الأولى إلى مصر، تأييده لبقاء سلاح المقاومة ما دامت أراض لبنانية لا تزال تحت الاحتلال، على سبيل المثال لا الحصر.

ولكن، إذا كانت مواقف كهذه تحمل كثيرا من الدلالات السياسية كونها تثير المخاوف من انضمام لبنان إلى محور اقليمي معين، فيما أعلن لبنان الرسمي اعتماد سياسة النأي بالنفس، فإن المراقبين أنفسهم لا يخفون خشيتهم من أن تصيب الاختلافات الاستراتيجية حول السياسة الخارجية بين ركني التسوية- الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري- في اتفاقهما مقتلا. بدليل أن فيما يبدي الدائرون في الفلك العوني تأييدا لخطوات لا تتناغم مع سياسة الولايات المتحدة، يتخذ التيار الأزرق موقفا مناقضا تماما. ويضرب المراقبون المثل بها باستقبال عون وزير الخارجية الفنزويلي (المحسوب على الرئيس نيكولاس مادورو الذي تعاديه واشنطن لصالح معارضه المدعوم دوليا خوان غوايدو) الذي زار لبنان أخيرا، في مقابل احجام الحريري عن هذه الخطوة. وفي السياق نفسه، يدرج المراقبون البيان الختامي للقمة التي جمعت عون بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين في 26 آذار الفائت، والذي اشتمل على مواقف تلاقي معارضة زرقاء شديدة، ليس أقلها تأييد النظام السوري وحلفائه في معركتهما ضد “الارهاب”، لافتين إلى أن هذا كله يجري في وقت تحفل الكواليس البرتقالية بكلام يحمّل الحريري مسؤولية التأخير في تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية، وهو ما اشتكى منه العونيون مرارا في مرحلة التأليف الحكومي وما أعقبه.