IMLebanon

الاعتراضات بدأت: هل مكافحة الفساد محصورة بمناطق محددة؟! (تحقيق ميليسا ج. افرام)

كتبت ميليسا ج. افرام:

حملة محاربة الفساد التي تبدو وكأنها مناطقية، بحيث تستهدف مناطق معينة دون غيرها في لبنان، باتت تطغى على أحاديث اللبنانيين وحتى السياسيين في الايام الاخيرة، بحيث بات واضحاً وكأن حملة محاربة الفساد تنشط في مناطق معينة وتغيب عن مناطق أخرى.

ففي مراكز ودوائر رسمية في جبيل وجونيه والجديدة (قصور العدل والدوائر العقارية وغيرها) و”النافعة” في الدكوانه على سبيل المثال، بدت معالم الحملة واضحة بحيث تتركز حملات الأجهزة الأمنية وعناصرها الذين يبقون أعينهم على عمل الموظفين، والعمل جار على افضل وجه. لكن هذه الحملة غابت بحسب المواطنين والمحامين عن دوائر ومراكز رسمية أخرى. فعلى سبيل المثال وردت شكاوى الى موقع IMLebanon عن تجاوزات مستمرة ومخالفات في أحد مباني وزارة المالية في بعبدا والمعروف بـ”مبنى التربية”، كما في مركزي “النافعة” في الأوزاعي والنبطية ومبنى الدوائر العقارية في صيدا، حيث لا يزال المواطنون يعانون من التأخير في معاملاتهم والى الاضرار الى “السخاء” لتسيير أمورهم، إضافة الى أن الموظفين غير ملتزمين بدوام العمل وقوانينه.

اذا، ما نتابعه هو توقيفات بالجملة في جونيه جبيل، وفوضى في دوائر ومراكز أخرى. توقيفات دفعت نواب جبيل وكسروان والمتن لإطلاق صرختهم، هذه الصرخة التي تعبر عن وجع اهالي وابناء هذه المناطق.

فبعد توقيف 8 موظفين في دوائر جونيه- جبيل، غرد نائب كسروان فريد الخازن عبر حسابه على تويتر معلقا: “فروسينا شديد مسؤولة في الدوائر العقارية في جونيه، معروفة بآدميتها وغيرها من صغار الموظفين تم توقيفهم وذلهم وظلمهم بحجة محاربة الفساد، وهم ربما مهملين ولكنهم لم ينهبوا المال العام كغيرهم من بعض الوزراء والنواب والسياسيين”. وأضاف: “انتم جبناء ومتخاذلين ما لم توقفوا السارق الفعلي الحقيقي”.

الاتهامات بسوء الادارة دفعت الى توقيف الموظفين وسوقهم الى التحقيق، فهل ستنسحب حملة مكافحة الفساد على بقية المناطق والى توقيف كبار الفاسدين؟ سؤال يُسأل من قبل المواطنين والسياسيين المشككين  بفعالية الحملة. فيما أكدت مصادر أمنية لموقع IMLebanon  أن الحملة مستمرة وستطال الجميع، كبارا وصغارا، موضحة أن التوقيفات التي تمت هي قائمة على عدد من الاخبارات بحق الموقوفين، أكانت اخبارات قانونية ام حتى شفاهية.

وعما اذا كانت حملة الفساد مناطقية، شددت المصادر على ان التركيز سيكون على كل المناطق تباعا، والحملة بدأت من جونيه وجبيل وستمتد على المناطق الاخرى، إنما من الطبيعي أن تبدأ في منطقة ما لكن الثابت أن التوجيهات الرسمية واضحة باستمرار الحملة في كل المناطق حتى تحقيق كل الأهداف المنشودة منها.

من جهته، حاول رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل استيعاب غضب الشارع المسيحي من هذه التوقيفات التمييزية، فأكد بعد اجتماع التكتل الاخير أن الحملة “بدأت من مناطقنا، ولكن نريد أن نرى الأمر ينسحب على كل الأراضي اللبنانية، لأننا كلنا ندرك أنه في كل المناطق، خير وبركة، وذلك قبل الإنتقال الى التنظيم المدني، الى السراي في كل المناطق، وقبل الدخول الى قوى الأمن الداخلي وما يحدث فيها”.

ومع توقيف أربعة قضاة عن العمل بقرار من وزير العدل وسبعة مساعدين قضائيين، كشف نقيب المحامين في بيروت أندريه شدياق في حديث تلفزيوني ان نسبة الفساد في الجسم القضائي والمساعدين القضائيين تبلغ 30 بالمئة، مؤكدا انها نسبة مرتفعة.

في بلد الفساد على “مد عينك والنظر”، لا يمكن التغاضي عن الواقع الطائفي بحيث أن عدم التوازن المناطقي والطائفي في استهداف الفاسدين قد يحوّل الحملة الى استهداف محصور ولو كان غير مقصود، وخصوصاً أن الجميع يدرك أن نية الأجهزة الأمنية سليمة لكن التخوف الدائم يكمن في القلق من التدخلات والحمايات السياسية والحزبية التي تجعل في لبنان حتى مكافحة الفساد قائمة على معادلة “أولاد ست وأولاد جارية”. وكل الأمل يبقى في أن تمتد الحملة إلى كل المناطق اللبنانية، فلا يبقى صيف وشتاء تحت سقف واحد لأن الفساد لا طائفة ولا انتماء سياسياً له بل هو عابر لكل الاصطفافات، فهل من ينقذ حملة مكافحة الفساد قبل وقوعها في المحظور اللبناني؟!