IMLebanon

كنداكة و”الجحيم” العربي؟! (بقلم يورغو البيطار)

لا قوة في العالم تؤخر هبوب الريح. قد تكون هذه العبارة شاعرية الى حد بعيد في توصيف الحراك الذي عاد بقوة ليحتلّ صدارة المشهد العربي، إلا أن الريح فعليًا هبّت وعصفت و”شلّعت” جذورًا مترسّخة ورغم كل الانكسارات والخيبات والتحديات والمؤامرات والتسلق المقيت، وما زالت تلفح يمينًا ويسارًا من السودان الجريح الى أسود الجزائر…

وفي وقت يحلو للبعض أن يطلق على الثورات العربية “الجحيم العربي”، في تصرف لا يمكن تفسيره الا تبريرًا لما ارتكبه المتمسكون بكراسيهم الفارغة، إلا أن حنجرة “كنداكة” السودان الصادحة في عز الربيع لتفجّر غضب شعب يعاني من ويلات الفقر والقمع، وملايين الجزائريين الرافضين لسيناريوهات إجهاض انجازاتهم وسرقة مكاسبهم التي حققوها بلوحاتهم رسموها بأجسادهم، تدوّن في السجلات ان مسار التاريخ لن يتغيّر مهما حاول العبثيّون والمتشددون والمؤسسات البالية التي أوصلت بلداننا الى ما هي عليه.

لا شك ان التحليلات تكثر عما جرى سابقًا ويجري حاليًا وما اذا كانت المخططات الداخلية والخلافات بين الرئاسات والمؤسسات العسكرية تدفع نحو الوصول الى النتيجة التي نشهدها في الجزائر والسودان حاليًا فإن ما سيلي هذه المرحلة سيكون حاسمًا لناحية قدرة “العسكر” على استعادة زمام المبادرة او في المقابل فإن الشعب الذي طفح به الكيل سيواصل مسيرته ليتقلع كل الرموز والشخصيات التي ساهمت في مأساته ومعاناته لعقود…

وفي ظل الغليان الذي قد يؤرق بعض منظّري موت فكرة الربيع العربي، خصوصًا ممن ظنّوا انهم نجوا من مقصلة العدالة رغم جرائمهم بحق شعوبهم التي طالبت بالكرامة أولًا قبل الخبز، فإنه من المؤسف ان يبدو لبنان الوطن الذي يعتبره كثيرون مهد الربيع العربي في موقف المناهض لحركات التحرر.

ليس من المطلوب طبعًا الخروج عن نأي بنفس “مفترَض” وإن كان لا يطبَق إلا بالشعارات والخطابات من دون ان يكون له عمليًا أي تأثير، لكن من ينسى ان ربيع بيروت وانتفاضتها بوجه الظلم والتنكيل واستباحة القرار السيادي والكرامة الوطنية لا شك انه يسير عكس المسار التاريخي للشعب اللبناني العاشق للحرية. كما ان من ينسى ان ساحات بيروت صدحت أولًا بشعارات الحرية والسيادة والاستقلال، ليصل بعدها الصدى الى ياسمين تونس وحارات القاهرة وجدران أطفال درعا فهو متجاهل حتمي لنضال وإن خفت فإنه سيصدح من جديد لا محال!

انه الحنين الذي يتحكم بنا في أي وطن من بلاد العرب عند كل محطة بانتفاضة لم تكتمل، وحلم لم يصل الى ارض الواقع. انه صوت “كنداكة” السودان التي تريد تخطي كافة المحظورات السياسية والقمعية والرجعية التي تكبّل شعبها كما الشعوب العربية من كل مكان، انها الريح التي لن تؤخرها أي قوة في العالم مهما طال الزمن…