IMLebanon

لبنان… كأنّه عرَبة يجرّها حصانان في اتّجاهيْن متعاكسيْن 

كتبت ليندا عازار في صحبفة الراي:
شكّل تحذيرُ رئيس الحكومة سعد الحريري من أن لبنان «على شفير» النموذج اليوناني بحال لم تُتخذ «الإجراءاتُ الصعبةُ والقاسيةُ» مالياً لوضْع البلاد على سكة النهوض الاقتصادي، والإطلالةُ التصعيديةُ للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي خاطَبَ واشنطن كما الداخل بلغةٍ تحذيرية تتصل بمسار العقوبات عليه والمرشّحة لتشمل حلفاء له كما بتصنيف «الحرس الثوري الإيراني»، منظمة إرهابيةً، مؤشراً واضحاً إلى واقع «العرَبة التي يجرّها حصانان في اتّجاهيْن متعاكسيْن» الذي تعيشه «بلاد الأرز» التي ما زالت أسيرة «معادلةٍ مستحيلة» تحاول تحقيق التعايش بين «هانوي وهونغ كونغ».
وجاء كلام نصرالله ليحمل رغم طابعه الهادئ في الشكل، رسائل مباشرة استوقفتْ أوساطاً سياسية رأتْ أنها تعكس «ارتفاع المَخاطر» في ما خصّ الوضع اللبناني، ولا سيما «على جبهتين» متداخلتيْن حدّد الأمين العام الموقف منهما، وذلك قبل أن يطلق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو «كلاماً مدوياً» أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بقوله «إن إيران قد تلجأ إلى وضع أنظمة صواريخها داخل لبنان وخطر التصعيد بين حزب الله وإسرائيل حقيقي».
● الجبهة الأولى تتّصل بالتدافع الخشن بين واشنطن وطهران. وفي هذا السياق، لاحظتْ الأوساط أنّ نصرالله وفي معرض انتقاده «القرار – الحماقة» وغير المسبوق (كما وصفه) بتصنيف الحرس الثوري «منظمة إرهابية» لوّح بأن خيارات «محور المقاومة» لن تكون محصورة باستنكار الإجراءات المتّخذة ضد أحد «أعضاء» هذا المحور «والاستنكار لا يعني أننا لا نملك أوراق قوة مهمة وأساسية ومن حقنا وواجبنا أن نواجه كل الذين يمكن بإجراءاتهم أن يهدّدوا شعبنا أو بلدنا أو مقاومتنا (…) لكن في الوقت المناسب عندما يكون هناك إجراء بحاجة إلى ردّ فعل سيكون هناك ردّ فعل مناسب»، قبل أن يُحْدث «ربط نزاع» بين هذا الردّ الممكن وبين أي عقوباتٍ سواء على رئيس البرلمان نبيه بري أو حلفاء للحزب.
● والجبهة الثانية برسْم الداخل اللبناني، شنّ معها نصرالله هجوماً على «خوَنة» ومرتزقة لبنانيين في واشنطن يحرّضون على العقوبات (على حلفاء الحزب)، معتبراً كلام بومبيو عن صعود «حزب الله» بأنه «يصرّ على تحريض اللبنانيين بعضهم على البعض»، واضعاً اللبنانيين بين خياريْ «إما الوحدة والمقاومة وإبقاء البلد في دائرة السلام الداخلي أو الاستجابة لمن يجرّهم إلى الفتنة»، داعياً إياهم الى عدم الاستجابة «للتحريض الاميركي الذي دمّر بلداناً حولنا».
واعتبرتْ الأوساط أن كلام نصرالله جاء ولم يكد أن يجفّ حبر موقف رئيس الحكومة سعد الحريري من مجلس النواب الذي حذّر فيه من أنه ما لم تُتخذ الاجراءات اللازمة التقشفية فمن شأن ذلك أن يجعل لبنان يواجه سيناريو اليونان، في إشارة واضحة منه الى حجم المخاطر المالية التي تستوجب إقرار موازنة 2019 سريعاً وبأرقام تسمح بخفض العجز بنحو 2 او 3 في المئة استناداً الى سلّة إجراءات مؤلمة مرتقبة.
والمفارقة ان استحضار النموذج اليوناني (انفجرت الأزمة المالية العام 2010) أتى عشية وصول الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس الى بيروت في زيارة رسمية تستمر حتى اليوم والتقى خلالها أمس نظيره اللبناني ميشال عون والرئيسين نبيه بري والحريري، شاكراً لبنان «على ما قام به في إطار مأساة النازحين السوريين»، وموجهاً انتقاداً الى اوروبا «التي لم تكن حاضرة بالقدر الذي كان يتوجب عليها، منذ البدء، عندما اندلعت الحرب. فلو احترمت اوروبا ثقافتها وتاريخها، وتدخّلت في الوقت الذي كان يتوجب عليها، فإني لواثق ان الحرب كانت انتهت قبل الآن بكثير (…)».
من جهته، أكد عون «حق لبنان باستخراج النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة»، مشدداً على «رفض الانضمام إلى أي منتدى أو آلية تَعاوُن تشارك فيها اسرائيل، لاسيما منتدى غاز شرق المتوسط».