IMLebanon

هل تخصم 10% أو 20% من الرواتب لوضعها في خزينة الدولة؟

كتبت لينا الحصري زيلع في صحيفة “اللواء”:  

في ظل الحديث عن اجراءات موجعة وقاسية ستتخذها الدولة اللبنانية لانقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي، برزت التكهنات حول هذه الاجراءات خصوصا على اثر ما اعلن عن لسان بعض المسؤولين، لا سيما وزير الخارجية جبران باسيل حين قال امس الاول أنه إذا لم نخفض التقديمات للموظفين لن يكون هناك رواتب، وفي انتظار تبيان الخيط الابيض من الخيط الاسود والكشف عن اجراءات الحكومة وما ستؤول اليه ارقام موازنة العام 2019، فإن مصادر اقتصادية سياسية مخضرمة اكدت لـ«اللواء» ان الوضع الاقتصادي دقيق جدا، معتبرة ان ما يتم الحديث عنه حول خطورة الوضع هو امر جدي وليس مجرد تهويل على الناس، ولكنها اشارت في المقابل الى ان الوضع دقيق ليس من الان بل منذ زمن بعيد.

وعادت المصادر المواكبة للحركة الاقتصادية والمالية الى العام 2000 عندما انتخب الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكلف رئاسة الحكومة وأتى ببرنامج اقتصادي اصلاحي بعد ان كان البلد على وشك الانهيار في حكومة الرئيس سليم الحص عامي 1998و1999. حينها كان هناك مبلغ قليل في خزينة الدولة من اجل استمرار دفع رواتب الموظفين، فكلف الرئيس الشهيد فريقاً اقتصادياً لدرس الوضع الاستثنائي حينها ووضع خطة طوارئ اقتصادية بمساعدة فريق فرنسي في عهد الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وقد تم وضع برنامج اصلاحي اقتصادي لانقاذ البلد، وعلى اساسه تم عقد مؤتمر باريس1 الذي كان مقدمة لمؤتمر باريس2، فالمؤتمر الاول قدم الدعم والمساعدات للبنان، والثاني كان تحفيزا للدولة اللبنانية من اجل القيام بتنفيذ سلة اجراءات اصلاحية، وقد تعهد لبنان خلال المؤتمر باتخاذها.

وتلفت المصادر الى ان الرئيس الشهيد اعلن حينها، وكذلك فعل الرئيس فؤاد السنيورة، انه لا بد من اتخاذ هذه الاجراءات حتى ولو كانت صعبة، لانه في حال لم يتم تنفيذها ستكون الاجراءات خلال السنوات المقبلة اصعب بكثير وهذا الامر الذي وصلنا اليه اليوم.

وتذكّر هذه المصادر بأنه في العام 2002 تم التصويت في مجلس النواب على قانون تنظيم قطاع الكهرباء وقانون اخر لتنظيم قطاع الاتصالات، وتبدي اسفها انه حتى اليوم لم يتم تطبيق هذين القانونين، وتعتبر ان ما وصل اليه البلد اليوم هو بسبب عدم تطبيق القوانين والسير بالاصلاحات التي تعهد لبنان بتنفيذها في مؤتمر باريس2، وتلفت الى ان الاصلاحات لم تفرض على لبنان بل كان يجب ان ينفذها، خصوصا انها وضعت من قبل خبراء دوليين ولبنانيين من اجل ان يستفيد لبنان من مساعدات مؤتمري باريس1 وباريس2،وكان اصلاح قطاعي الكهرباء والاتصالات من المواضيع الاساسية والاولوية في ذلك الوقت، لا سيما من اجل ايقاف العجز في الكهرباء، وادخال موارد مالية كبيرة من قطاع الاتصالات.

وتعتبر المصادر انه لم يتم تطبيق الاصلاحات حينها لاسباب سياسية كيدية مع العلم ان فريقاً معروفاً هو الذي استلم هذين القطاعين لسنوات طويلة.

وترى المصادر ان خطة الكهرباء التي اقرت مؤخرا هي نفسها تقريبا التي وضعت منذ سنوات، مع ادخال بعض التعديلات الطفيفة عليها، بحيث ان القانون يشير الى ضرورة تعيين هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء وانشاء مجلس ادارة منذ العام 2002، وتشير هذه المصادر بالقول يبدو ان القرار السياسي اتخذ اليوم لتطبيق ما تم اقراره في العام 2002 لان الجميع اصبح على يقين ان البلد اصبح على شفير الهاوية.

وأبدت المصادر اسفها للتصريح الغامض الذي ادلى به الوزير باسيل بشأن تخفيض رواتب الموظفين والذي ادى الى بلبلة لدى شريحة كبيرة منهم، وتوقعت المصادر حسب الاجواء ان ليس هناك من قرار بتخفيض رواتب موظفي القطاع العام بشكل مطلق، ولكن من الممكن ان يتم خصم نسبة مئوية من بعض الرواتب من خلال استيفاء مبلغ ما بين 10% أو 20% ووضعها في خزينة الدولة وبعد ثلاث سنوات تعاد هذه المبالغ الى الموظفين الذين تم اخذها منهم، اي بمعنى اوضح تأجيل دفع هذه النسبة من الرواتب لفترة ثلاث سنوات. وتوقعت انه في حال تطبيق هذا الامر سيتم حسب شطور الرواتب، لانه لا يمكن خصم اي مبلغ من الموظف الذي يتقاضى راتباً متواضعاً، فالامر يمكن تطبيقه على من يتقاضون رواتب مرتفعة، واعتبرت المصادر بان الموظف لن يخسر اي شيء من راتبه لانه سيعود ليقبضه بعد ثلاث سنوات كاملة مع زيادة غلاء المعيشة عن كل عام.

وتعتبر المصادر ان هناك رهانا على ان العجز في قطاع الكهرباء سيتم تخفيضه حسب الخطة اي بعد ثلاث سنوات، وعندها تستطيع الدولة اعادة الاموال الى اصحابها.

وحول موضوع الاستفادة من التسويات على الاملاك البحرية تشير المصادر الى ان ثلاثة ارباع الاملاك البحرية الشرعية وغير الشرعية مديونة للمصارف بسب الاوضاع فمعظم المؤسسات السياحية وغير السياحية تعيش ازمة مالية كبيرة.

وتعتبر ان اعطاء سلسلة الرتب والرواتب لم تكن خطوة مدروسة جيدا، لان اقرارها بالطريقة التي تمت قبيل الاستحقاق الانتخابي النيابي كانت تؤكد انها ستصل البلد الى خراب.

وشددت المصادر على انه اذا ارادت الدولة اتخاذ اي اجراء، يجب اتباعه باجراء اخر، لكي يستطيع المواطن تأمين معيشته اذا تم تأجيل دفع قسم من راتبه، لانه من الطبيعي ان تكون هناك التزامات مالية لكثير من الموظفين. واشارت الى ان اي اجراء يمكن اتخاذه يجب دراسته بشكل جيد جدا.

وتعود المصادر لتذكّر بانه عندما تم اتخاذ القرار في مؤتمر باريس2 بالنسبة للخطة الاصلاحية في قطاع الاتصالات كان الاتجاه هو لبيع شركتين او ثلاث من اجل الاستثمار في القطاع الخليوي في لبنان لقطاع خاص وكان في وقتها كل رخصة تدخل الى خزينة الدولة بين 4 و6 مليارات وكان الدين لم يصل حينها الى ما هو عليه اليوم، وتشير الى انه لو تم تطبيق هذه الخطة  كان ادخل الى الخزينة بين 15 و17 مليار دولار من خلال بيع رخص لمستثمرين في الخليوي،  اضافة الى دفع الضرائب للدولة، وتأسف المصادر لانه تم تطبيق  العكس وتم اخراج الشركتين اللتين كانتا موجودتين حينها.

وتشير المصادر الى انه لو طبق ما اقرّ في العام 2002 لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم، لا سيما بالنسبة الى ملف الكهرباء خصوصا بالنسبة لموضوع البواخر المخالف للخطة الموضوعة. كذلك تكشف المصادر عن انه كان هناك نظام تقاعدي عصري يتم التحضير له في العام 2002 ولو كان طبق لكان وفر الكثير على خزينة الدولة.