IMLebanon

لقاء الصيفي: رص الصفوف المناوئة لقيادة “التيار”

لا يختلف اثنان على ضرورة الاعتراف بشجاعة حزب “الكتائب اللبنانية” وتيار “المردة” في اتخاذ قرار طي صفحة من تاريخهما المشترك المطبوع بخصام طويل لم يخل من بعض المحطات الدموية التي لا تزال الذاكرة الجماعية المسيحية تحفظها. إذ بقرار من الرئيس أمين الجميل وزعيم تيار “المردة”، مدعما بإرادة أبناء الجيل الجديد من الوجوه السياسية في العائلتين، أي النواب سامي ونديم الجميل وطوني سليمان فرنجية، انطلق مسار تضميد جراح الماضي الأليم للبناء على عبره ودروسه تمهيدا لكتابة صفحة جديدة من العلاقات السياسية بينهما في ضوء مشهد جديد خطّته تسوية سياسية عريضة، تفردت الصيفي في معارضتها، في وقت رأت بنشعي نفسها في موقع المواجهة المفتوحة مع نجم التسوية الأول، رئيس الجمهورية ميشال عون.

وفي عز الكباش المسيحي- المسيحي، حيث تحكم تناتش الحصص والحسابات الانتخابية والسياسية البعيدة المدى بالعلاقات على خط ميرنا الشالوحي- معراب بعد اعتدادهما طويلا بنجاحهما في انجاز ما اعتبراها “المصالحة المسيحية”، فضّل خصما الأمس بين بكفيا وزغرتا التغريد بعيدا من هذه الأجواء، ومواصلة مسار تطبيع علاقاتهما، في موازاة المصالحة التاريخية التي أنجزها فرنجية مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، بعد أكثر من ثلاثة عقود على “حادثة إهدن” في 13 حزيزان 1978. مسار لم يجد رئيسا “الكتائب” و”المردة” أبلغ من المشهد الذي سجل الأربعاء في بيت “الكتائب” المركزي في الصيفي ليختما به المرحلة الأولى منه: سليمان طوني فرنجية في بيت “الكتائب” للقاء النائب سامي الجميل وإطلاق العنان لتعاون اقتصادي-اجتماعي، مع الاعتراف بالخلاف الاستراتيجي بين الطرفين حول بعض القضايا الاستراتجية كالسيادة والسلاح غير الشرعي وسواهما.

على أي حال، فإن هذا البعد الوجداني والتاريخي لا يختصر أهمية لقاء الأربعاء الذي لم يخل من الرسائل السياسية المشفرة في أكثر من اتجاه، أيًّا كانت الأهداف.

فنظرًا إلى توقيته، يأتي مشهد الصيفي في وقت تشهد الساحة السياسية المسيحية ما يمكن تسميته “صراع الديوك” بين أركانها. بدليل الأجواء التي لا تنفك تتكهرب بين “التيار الوطني الحر” و”القوات” عند كل مفترق حكومي وشعبي، علما أن كل هذا يجري فيما القطيعة التامة سيدة الموقف بين العونيين والمردة، من جهة، و”التوتر العالي” يسيطر على العلاقات بين “الكتائب”، رأس حربة المعارضة، والتيار البرتقالي، رافعة الحكم الأولى، من جهة أخرى.

صورة تدفع مصادر سياسية، عبر “المركزية”، إلى اعتبار لقاء الأربعاء خطوة أولى على طريق رص الصفوف المناوئة لقيادة “التيار”. وفي هذا السياق، تشير المصادر نفسها إلى أن الزعيمين المارونيين بديا حريصين على عدم إعطاء التقائهما طابع المواجهة مع أي من القوى السياسية، إلا أنهما ألمحا إلى احتمالات مزيد من التقارب في المرحلة المقبلة. بدليل أن الجميّل (الذي لم يخف يوما رغبته في قيام جبهة معارضة وطنية واسعة) أعلن “أننا نحاول شد سليمان بك لضمه إلى المعارضة”، فيما غمز فرنجية من قناة التعددية المسيحية ليسدد سهما في اتجاه خصمه “الرئاسي الأول”، الوزير جبران باسيل، مشيدا بالاختلاف المسيحي الديمقراطي. مقاربات فضّل المعنيون بلقاء الصيفي عدم الغرق في تفسيراتها منذ الآن، والتركيز على تقارب الطرفين الاجتماعي والاقتصادي، ما يتيح طرح تساؤلات عما إذا كان التقاؤهما على معارضة خطة الكهرباء أول غيث المرحلة الجديدة.