IMLebanon

لهذا لن توثّق سوريا لبنانيّة مزارع شبعا!

في 13 آب عام 2008، وعلى اثر لقاء قمة جمع الرئيسين اللبناني ميشال سليمان والسوري بشار الاسد في دمشق، صدر بيان ختامي نص في ابرز بنوده على “انشاء تبادل دبلوماسي بين البلدين للمرة الاولى منذ 60 عاما، واستئناف اعمال اللجنة المشتركة لتحديد وترسيم الحدود اللبنانية السورية والعمل المشترك من اجل ضبط الحدود ومكافحة التهريب وكافة الاعمال المخالفة للقانون من خلال السلطات المعنية لدى البلدين وتفعيل وتكثيف اعمال اللجنة المشتركة المتعلقة بالمفقودين من الطرفين واعتماد الاليات الكفيلة بالوصول الى نتائج نهائية بالسرعة الممكنة وضرورة انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر كما تقضي قرارات الامم المتحدة ذات الصلة”.

نقاط البيان الرئاسي الذي مر على اعلانه احد عشر عاما، لم يترجم منها عمليا سوى التبادل الدبلوماسي “الاعرج”، اذ تم تعيين سفيرين لدى البلدين، “مع وقف التنفيذ” لجهة التعاطي السوري مع سفير لبنان في دمشق التي لم تعتبره يوما رئيسا للدبلوماسية اللبنانية لديها كسائر رؤساء البعثات بل تعاطت بدونية لم يخف السفير انزعاجه منها، خلافا للتعاطي اللبناني الرسمي مع السفير السوري الذي لم يضطلع يوما بدوره المفترض ازاء ابناء شعبه المنتشرين بالملايين في لبنان ولم يزر مخيما يؤويهم منذ موجة النزوح عام 2011. اما سائر البنود فبقيت بمعظمها، وعلى رغم الالحاح اللبناني والمراجعات والسعي الدؤوب، حبرا على ورق. فلا الحدود ضُبطت من الجانب السوري ولا تمت مكافحة التهريب ولا توصلت اللجنة المشتركة للمفقودين الى نتيجة، اذ في كل مرة راجع لبنان الجانب السوري في شأن مئات المعتقلين في سجونه، تلقى الرد نفسه “لا معتقلين لدينا” علما ان العشرات منهم اطلق سراحهم في اوقات لاحقة.

اما مزارع شبعا، الشغل الشاغل للبنانيين حاليا، في ضوء السجال السياسي حول هويتها والذي ادى الى توتير الاجواء لا سيما بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي اعتبر ان المزارع سورية وحزب الله الذي أطلّ امينه العام السيد حسن نصرالله امس جازماً لبنانيتها، من ضمن البديهيات، ودون الحاجة إلى تقديم ما يثبت هذه “اللبنانية” من وثائق يفترض في القانون الدولي ان تُسَلم الى الأمم المتحدة للاعتراف بها من المجتمع الدولي. في هذا المجال، تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية” اذا كان نصرالله مقتنعا الى هذا الحد بلبنانية المزارع، وهو شأن غير خاضع للنقاش، لمَ لا يوظف علاقاته الوطيدة مع النظام السوري من أجل نزع اعتراف رسمي موثق منه بلبنانية المزارع لتقديمها الى الامم المتحدة وانهاء هذا الجدل العقيم؟ واشارت الى ان سوريا التي اعترفت خطيا في البيان الختامي للقمة الرئاسية وتحديدا في الفقرة التاسعة منه بأن مزارع شبعا لبنانية، وقد ورد فيه حرفيا ما نصه “ضرورة انسحاب اسرائيل من مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر كما تقضي قرارات الامم المتحدة ذات الصلة”، لم تقدم وثيقة واحدة الى الامم المتحدة تثبت لبنانية المزارع واكتفت على لسان مسؤوليها بالاشارة الى ان المزارع للبنان، على رغم المطالبات اللبنانية المتكررة في هذا الشأن، حتى ان الرئيس الاسد قال في مقابلة تلفزيونية عام 2012 في معرض رده على سؤال عن اسباب عدم تسليم الامم المتحدة الوثائق التي تؤكد لبنانية المزارع “ان القضية هي طرح إسرائيلي كي يسحبوا المبرر من المقاومة هذه هي اللعبة..إذاً لا يمكن أن يكون هناك ترسيم لمزارع شبعا وهذا ابُلغ للبنانيين خلال الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية الى لبنان لا ترسيم لمزارع شبعا قبل خروج القوات الإسرائيلية منها. هذا الموضوع محسوم بالنسبة لنا.”

بناء على ما تقدم، تختم المصادر، بالقول لا داعي لفتح سجالات داخلية حول مزارع شبعا، فالامر كما اعلن الاسد واضح، ان المزارع ورقة لحزب الله لتوكيد دوره وضرورة استمرار وجوده في مواجهة التهديدات الاسرائيلية، ولسوريا للاستثمار فيها واستخدامها في اي لحظة لمواجهة الضغوط التي تتعرض لها إيران من كل حدب وصوب. واي اجراء خلاف ذلك، يسحب ورقة ثمينة من يد سوريا والحزب، لا مصلحة لهما فيه، ولا وثائق تثبت لبنانية المزارع في المدى المنظور، شاء من شاء وأبى من أبى.