IMLebanon

باسيل وصاروخ “الحزب”… وانفصام رسمي!

كان يمكن ان يكون إهداء مسؤول المنطقة الخامسة في “حزب الله” الشيخ محمد عمرو، رئيسَ التيار الوطني الحر جبران باسيل، قذيفةً استخدمتها “المقاومة الاسلامية” في معركة تحرير جرود عرسال، خلال زيارة الاخير بلدة رأس أسطا في قضاء جبيل، حيث أقيم له احتفال شعبي امام حسينية البلدة، حدثًا عابرا ومحطة عادية في جولته على جبيل وكسروان في اليومين الماضيين، لو لم يكن الرجل في الوقت عينه، وزيرَ خارجية لبنان. فبحسب ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، الحزبان حليفان وتجمعهما “ورقة تفاهم”، غير ان رئيس “البرتقالي” يجب ان يتنبّه الى انه ايضا رأس الدبلوماسية اللبنانية التي تشكّل صلة الوصل بين بيروت والعالم، هذا العالم الذي يرى في معظمه، وتحديدا في جزئه الاميركي والخليجي والعربي والبريطاني، في حزب الله، منظمة ارهابية تقوّض استقرار لبنان والمنطقة..

واذا كان البعض في المجتمع الدولي لا يزال يميّز بين حزب الله “السياسي” وجناحه الثاني “العسكري”، فإن تسلُّم وزير الخارجية “صاروخا” من الحزب، إنما يدلّ في باطنه، على “مباركته” سلاح حزب الله، الذي تُجمع العواصم الكبرى كلّها على رفضه وتدعو الى تسليمه للقوى الشرعية. فمنذ ايام قليلة، جدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في تقرير نصف سنوي عن القرار 1559، مطالبته بنزع سلاح حزب الله ووقف عملياته العسكرية في سوريا المجاورة. وإذ أشار إلى أن الحكومة اللبنانية الجديدة تعطي أولوية للوضع الاقتصادي، أكد غوتيريس أن من المهم أيضاً الانصراف إلى إعداد استراتيجية دفاعية وطنية، مشدداً على ضرورة أن تحتكر الدولة اللبنانية امتلاك واستخدام الأسلحة إضافة إلى استخدام القوة، وهي قضية رئيسية تندرج في صلب سيادة لبنان واستقلاله السياسي. واعتبر أن هيمنة أسلحة خارج سيطرة الدولة، يضاف إليها وجود ميليشيات مسلحة، لا يزالان يهددان أمن واستقرار لبنان، موضحاً أن استمرار حزب الله في امتلاك وسائل عسكرية متطورة خارج سيطرة الدولة اللبنانية يثير قلقاً كبيراً.

فأي رسالة يوجّه باسيل الى الخارج، بتلقّيه من دون اي تردّد “صاروخا”، هديّة من الحزب؟ تتابع المصادر. ثم ما يجب التوقف عنده، هو ان السلاح ذاته ليس محط إجماع محلّيا ايضا، اذ ان فريقا واسعا من اللبنانيين، ومنهم من هو جالس مع باسيل، على الطاولة الحكومية عينها، ينادي بأحادية السلاح ويريد استراتيجية دفاعية لاستيعابه في الاجهزة الشرعية.

امام هذا “الانفصام” الرسمي، قد يكون الحل الأنجع التزام الافرقاء الوزاريين كلّهم “النأي بالنفس”، والابتعاد عن اثارة اية ملفات خلافية محلية، او اي قضايا تضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي وتستفزّه (في وقت يحتاج الى دعمه ومساندته)، من قَبيل الوقوف الى جانب سلاح حزب الله على غرار ما فعل باسيل وقبله وزير الدفاع الياس بوصعب خلال جولته جنوبا، او المطالبة باعادة سوريا الى حضن الجامعة العربية.. وعلى المسؤولين البقاء يقظين الى حقيقة انهم يمثّلون الدولة اللبنانية، لا أنفسهم وأحزابهم فقط، في مواقفهم وممارساتهم، وعليهم تاليا درسها ودوزنتها جيدا، تفاديا لاي تداعيات سلبية، تختم المصادر.