IMLebanon

تعليق إضراب 11 مؤسسة وإصرار على الموازنة التقشفية

انفرجت على صعيد الشارع في لبنان ليل أمس بإعلان الاتحاد العمالي العام تعليق الإضراب في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة العشرة التي كان بعضها بدأه نهاية الأسبوع الماضي والتحق به غيرها الإثنين، بعدما تبلغ رئيس الاتحاد بشارة الأسمر تعليق البحث بالمادة 61 من مشروع الموازنة التي تنص على توحيد رواتب وتقديمات هذه المؤسسات، على أن تدرس أوضاع كل مؤسسة على حدى، بينما واصل مجلس الوزراء مناقشاته لبنود الموازنة على أن ينهيها الجمعة المقبل إذا لم يطرأ ما يعيق ذلك.

كما أن مجلس القضاء الأعلى دعا القضاة الذين اعتكفوا عن عقد الجلسات منذ أيام، الى عدم الاضراب ومتابعة العمل على إحقاق الحق، بعدما التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال رئيسه وأعضاءه أمس وبحث معهم في حقوقهم التي يخشون من المس ببعضها في مشروع الموازنة الجديدة،ولا سيما التقديمات في إطار صندوق التعاضد الخاص بهم.

وأكدت مصادر مصرفية لـ”الحياة” أن البلبلة المالية التي شهدتها الأسواق المالية الثلثاء نتيجة إضراب موظفي مصرف لبنان الذي جرى تعليقه صباح أمس، تراجعت بعدما أدى عودة الموظفين إلى العمل إلى انتظام تزويد المصارف بالعملة اللبنانية وبالدولار نقدا وانتظمت التحويلات المالية من وإلى لبنان، وأعمال المقاصة للشيكات والتعامل بين المصارف عبر دائرة القطع في البنك المركزي. كما أن الشائعات التي انتشرت في شكل عشوائي وتسببت بفوضى انحسرت أمس. وينتظر أن تعود بورصة بيروت إلى العمل كالمعتاد اليوم بعدما علقت نشاطاتها نتيجة إضراب المصرف المركزي.

 

الأبواب الكبرى والصغرى

وقالت مصادر وزارية لـ”الحياة” إن اتصالات قام بها الرئيس عون من أجل معالجة الاحتجاجات، وأنه توزع الجهود مع رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري من أجل دعوة القيادات النقابية والأسلاك المضربة كي تنسحب من الشارع ومن اللجوء إلى الحوار في إطار الشرعية، فالتقى أو اتصل كل منهم سواء في شكل معلن أو بعيدا من الأضواء قيادات مؤثرة في القطاعات التي لجأت إلى الاحتجاج. وأوضحت مصادر وزارية متعددة ل”الحياة” أن الرؤساء الثلاثة اتفقوا خلال اجتماعهم ليل أول من أمس على مواصلة السعي من أجل خفض العجز في مشروع الموازنة التقشفية في كل الأبواب الممكنة التي تسمح بتقليص الإنفاق من جهة وتعزيز قدرات الدولة على زيادة الواردات التي بات معروفا أين هي الثغرات في تحصيلها من جهة ثانية. وأشارت المصادر إياها إلى أن الحريري تولى دعوة الوزراء إلى عدم الانجرار إلى المواقف التي تعبر عن مزايدات وعن شعبوية.

وبالنسبة إلى احتجاجات الأسلاك التي لجأت إلى الإضراب في الأيام الماضية، ذكر أحد المعنيين بمناقشة مشروع الموازنة أن الموظفين الحريصين على الاحتفاظ بحقوقهم، يمكن أن يكونوا متجاوبين مع بعض التجميد لبعض التقديمات، إذا وجدوا أن الحكومة جادة في معالجة التهرب الضريبي والجمركي وفي إدخال الأموال إلى الخزينة من الغرامات على الأملاك البحرية بحيث لا يقتصر الأمر على تقليص بعض المداخي العالية المرافقة لبعض الرواتب العالية. ويشير المصدر إياه إلى أنه مثلما يمكن للمصارف أن تكون متجاوبة بهذه النسبة أو تلك، مع زيادة معقولة على الضريبة على أرباح الفائدة بالنسبة إليها وإلى المودعين، إذا برهنت الحكومة عن جدية في سد أبواب الهدر والتهرب الضريبي والجمركي ومنافذ التهريب ال136 على الحدود الشرقية، فإن الموظفين في الأسلاك الرسمية يمكن أن يتجاوبوا مع بعض الإجراءات التي تقع تحت عنوان توحيد معايير التقديمات التي تعطى في شكل متفاوت بين سلك وآخر، إذا رأوا أن الإجراءات الإصلاحية لا تقتصر على المس ببعض هذه التقديمات بل تطال أبواب الهدر الكبرى في المؤسسات الكبرى التي يفترض أن تكون مصدر مداخيل ضخمة للخزينة.

شهيب

وردا على سؤال “الحياة” في شأن جلسة مجلس الوزراء أمس قال وزير التربية أكرم شهيب إن البحث في ما هو ممكن بالنسبة إلى خفض كلفة القطاع العام وكلفة الموظفين لا يتناول أساس الراتب في أي مجال من المجالات. وهذه الأمور تناقش بدقة ووفقا لدراسات وتنسيق مع مسؤولي الإدارات المعنية بحيث تجري حوارات بينهم وبين الموظفين. أضاف شهيب: لكننا أيضا علينا أن نأخذ إجراءات تدر أموالا طائلة على الخزينة مثل تعديل مرسوم الغرامات التي على المخالفين في التعدي على الأملاك البحرية بحيث ترتفع قيمة هذه الغرامات، وكذلك رفع الضريبة على الأرباح من الفوائد بالنسبة للمصارف، ووقف الفلتان في الجمارك الذي يخسّر الدولة مئات ملايين الدولارات، وخفض الأموال المخصصة لسد عجز كهرباء لبنان عبر التعجيل في تنفيذ خطة الكهرباء مع تحقيق أعلى نسبة من الجباية الصحيحة لفواتير الطاقة، التي يتهرب منها كثيرون. أما الأبواب المتعلقة بالتوفير في كلفة الموظفين على الخزينة فإنها يمكن أن تكون محصورة ببعض النقاط مثل تطبيق قانون الدفاع في ما يخص التدبير الرقم 3 بالنسبة إلى القوات المسلحة، وتوحيد سقف الرواتب نظرا إلى الفارق بين مؤسسة وأخرى، وذلك في اتجاه تحقيق المساواة بين هؤلاء، إضافة إلى إعادة النظر ببعض البدلات المالية التي يتقاضاها بعض كبار الموظفين علاوة على الراتب الأساسي.

وأكد شهيب أن النقاش يتقدم في اجتماعات مجلس الوزراء في اتجاهات عدة.

 

عون والأسمر وأضرار الإضراب

وكان رئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر توجه “بالشكر والتقدير للرئيس عون على جهوده ورعايته لمطالب الموظفين والعمال في المصالح اعبر مواكبته لما حدث من تحركات واضرابات .

وأوضح أنه تبلغ من عون بتعليق المادة 61 من مشروع قانون الموازنة على ان يتم درس واقع كل مؤسسة لوحدها.

كما شكر بري على وقوفه الدائم مع الحركة النقابية. ثم أعلن تعليق الأضراب في المصالح المستقلة والمؤسسات العامة والخاصة والعودة الى استئناف العمل اعتباراً من الأربعاء8 ايار، في مرفأ بيروت، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مؤسسة كهرباء لبنان، هيئة اوجيرو، إدارة الريجي، اهراءات الحبوب في المرفأ، كهرباء قاديشا، مصالح المياه في كل المحافظات، المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، النقل المشترك.

وجاء قرار تعليق الإضراب بعد أن كان الأسمر ووفد من نقابات مستخدمي المصالح المستقلة والمؤسسات العامة التقوا عون الذي أكد أننا “لن نقبل بأي إجراء يطاول مداخيل الطبقتين الفقيرة والمتوسطة”. لكن عون لفت الوفد إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني نتيجة استمرار الاضراب. ودعا

النقابات إلى تقييم الوضع المستجد والعمل على عدم تحميل البلاد المزيد من المخاطر”.

 

خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب

وكان وزير الإعلام جمال الجراح أعلن إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء لمتابعة النقاش في مشروع الموازنة، والنقاش الحاصل مسؤول وبالأرقام. هناك بعض المعطيات المالية والأرقام التي سنطلبها من مصرف لبنان والأجهزة العسكرية لكي تتم دراستها وتحليلها غدا، لاتخاذ القرارات بخصوص المواد التي عُلقت وأٌجلت . الأجواء جيدة، حصل انفراج على صعيد الإضرابات، وبعض المضربين لم نعرف لماذا أضربوا”.

أضاف: “سنعلن قريبا كل القرارات التي توصلنا إليها، والتي بينها قرارات إيجابية فيها تسهيل للمواطن وحوافز وإعفاءات وتشجيع على مبادرة المواطن لتسديد رسومه”.

وعن خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب 50% أوضح أنه “في السلطات العامة، الجو متجه نحو تخفيض الرواتب، ككل القطاعات التي يحكى عن تخفيض إضافات الرواتب وليس أساس الراتب. فالمرء يجب أن يبدأ بنفسه. وعما تردد في شأن إلغاء التجهيزات العسكرية للعسكريين المتقاعدين قال: موضوع الأجهزة الأمنية والعسكرية سيدرس كسلة واحدة، ليس التجهيزات وحدها والتقاعد وحده والراتب وحده، ووزير الدفاع سيأتي بالجداول والأرقام ونتخذ القرارات بشأنها”.

وكان الحريري التقى وفدا من رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية، وآخر من رابطة موظفي الإدارة العامة وثالث من نقابة موظفي وعمال إدارة حصر التبغ والتنباك، وناقش معهم هواجسهم في ما يخص ما يطرح من تخفيضات. وصرح رؤساء الوفود الثلاثة بأنهم وجدوا إيجابية لدى الحريري حيال أوضاع هذه القطاعات.