IMLebanon

جعجع عن ملف المعتقلين: لإعادة النظر بالعلاقة مع النظام السوري

لفت رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى ان “ان تسويف النظام السوري ومماطلته وتلاعبه بقضية المعتقلين اللبنانيين، القضية الإنسانية المزمنة، يحتّم على الحكومة اللبنانيّة الشروع في اتّخاذ خطوات قضائيّةٍ وسياسيّة تجاه هذه القضية، وصولاً إلى إحالة هذا الملف لدى محكمة العدل الدوليّة والمراجع الدولية الحقوقية المختصة.”

وقال جعجع في مؤتمر “حقهم يرجعوا” في معراب: “إن ما قام ويقوم به نظام السّجون والقبور بحق المعتقلين اللبنانيين لديه يتناقض مع كل الشرعات والمواثيق الدوليّة لحقوق الإنسان، ومع الضمير الإنساني الجامع، ومع قيم ومبادىء الأديان السماوية وغير السماويّة كلّها. هذا يثبت، ولطالما كان هذا رأينا، بأن نظام الأسد ليس دولة في الحقيقة والجوهر، ولا يمت لمنظومة الأمم المتحدة والقوانين والاتفاقات الدولية بأي صلة، وهذا ما يستوجب إعادة النظر حتى بالعلاقة القائمة بالحد الأدنى في الوقت الحاضر مع هذا النظام، إذا لم يقم بالكشف عن مصير الأسرى والمخفيين”.

وأضاف “إمعان النظام السوري في الاستخفاف والاستهتار بمصير مواطنين لبنانيين يعتقلهم قسراً في سجونه، هو بمثابة اعتداءٍ صارخٍ ومتواصلٍ على لبنان، وهذا لا يؤثر على صورة النّظام السّوريّ المشوّهة أصلاً، ولا على مصداقيّته المفقودة وسمعته السّيّئة أساساً. وإنّما يؤثّر على صورة لبنان ويضرب هيبة الدّولة والعهد معاً، ويظهر الدّولة بمظهر العاجزة عن الدفاع عن أبنائها، أو اتخاذ ايّ موقفٍ يحافظ على الحدّ الأدنى من كرامتها الوطنيّة بمواجهة هذه الجريمة المتمادية. ونجد أناساً بعد في لبنان يتباهون بصداقتهم مع هذا النظام”.

وتابع جعجع “لم يسبق في تاريخ العلاقات بين الدّول أن كانت دولتان مجاورتان مرتبطتان قانوناً بعلاقاتٍ دبلوماسيّةٍ، وتتبادلان السّفراء وكان بينهما تنسيقٌ أمنيٌّ ولو بالحد الأدنى، وفي الوقت نفسه كان لدى واحدةٍ منهما عند الثّانية أسرى ومعتقلون ومخفيّون قسراً. من دون أن تبادر تلك الدولة إلى الإفراج عنهم، أو الكشف عن مصيرهم، أو تقديم أيّ معلوماتٍ ومعطياتٍ جدّيةٍ عنهم، لا بل ظلت تمعن في التّضليل والابتزاز وإخفاء الحقيقة ومواصلة أسرهم وإخفائهم”.

وقال: “من المستغرب جداً أن يسلّم نظام السّجون والقبور إلى إسرائيل رفات أكبر جاسوسٍ إسرائيلي عبر التاريخ هو ايلي كوهين، ورفات جندي اسرائيلي آخر قتل في البقاع ألعام 1982 ضمن صفقةٍ سريّةٍ غامضة ومشبوهة، فيما هو يعتقل مئات اللّبنانيين بالتّهمة الجاهزة والمعهودة لديه وهي التّعامل مع إسرائيل”.

وأشار جعجع الى انه “فيما هناك لجنة لبنانية – سورية تألّفت منذ العام 2005 لتقصّي الحقائق في موضوع المعتقلين، وأعاق النّظام السّوريّ عملها بالمماطلة والتّسويف والتّعتيم، بحيث أنّها لم تتمكّن من التّوصّل إلى أيّ نتيجةٍ جدّيّةٍ، لجهة الكشف عن مصير المعتقلين، سواءٌ من لا يزال حيّاً منهم، أو من كان ميتاً. إنّ الكثير من العائلات اللّبنانيّة كانت تزور أبناءها في السجون السورية طيلة سنواتٍ، قبل أن تمنع عنها الزيارات فجأةً ويفقد كلّ أثرٍ لأبنائها المعتقلين. إنّ النّظام السّوريّ لا يمكنه، أقلّه بالنّسبة لهؤلاء المعتقلين، نكران وجودهم أو الادّعاء بعدم مسؤوليّته عن اعتقالهم بالأساس.”

وأضاف جعجع “ان النّظام السّوريّ أطلق من سجونه قيادات تنظيم القاعدة وتنظيم الزرقاوي وشجّعهم على إنشاء داعش لتهديد أمن كل الشّعوب، ولم يفرج عن معتقلين لبنانيين أبرياء مظلومين لا ولم يشكّلوا مجرّد خطرٍ صغيرٍ على أحد. فهنيئاً لمحور الصّمود والتّصدّي والمقاومة بإنجازات النّظام السوري العظيمة، وهنيئاً لهم أيضاً وحدة المسار والمصير التي تجمعهم.”

وأكد جعجع “اننا لسنا أسرى الماضي تجاه أي كان، ولا أسرى الأحكام المعلبة التي تصلح لكل زمانٍ ومكانٍ وظرف، ولا أسرى علاقتنا التصادمية مع النظام السوري منذ أن احتل لبنان، ولكن مواقفنا الثابتة تجاه هذا النظام تنبع أولاً وأخيراً من ثباته هو في سلوكه وارتكاباته ومواقفه السلبية تجاه لبنان. إن إمعانه في اعتقال لبنانيين لديه وإخفاء مصيرهم، بالإضافة إلى مجموعةٍ أخرى لا تعدّ ولا تحصى من الممارسات والأفعال الجرمية ليس أقلها تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس وسقوط ما لا يقل عن 49 قتيلاً وأكثر من 800 جريح، وتسليم متفجرات لميشال سماحة لاستعمالها في الداخل اللبناني”.

ولفت الى ان “كلّ هذا يؤكّد لنا من جديد بأن هذا النّظام لم يتغير، ولهذا السبب نتمسك بموقفنا منه. إنّ فك أسر المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسراً في سجون النظام مروراً بترسيم الحدود اللبنانية- السّوريّة خصوصاً عند مزارع شبعا، هي المقدمات البديهية الأولية لإعادة النّظر بموقفنا من هذا النّظام”.

وقال جعجع: “ليست البطولة والشّجاعة في أن يستقوي هذا النّظام على معتقلين لبنانيين عزلٍ لديه، وأن يتلذّذ بتعذيبهم وقهرهم وتركيعهم، بل البطولة كانت في أن يقف بكلّ ترسانته الضّخمة وعديده الكبير، بوجه رجال المقاومة اللّبنانيّة القلائل في أواخر السّبعينات وطيلة الثّمانينات، في الأشرفية، وزحلة وعين الرمانة وصنين وقنات، وأن ينجح، لا سمح الله، بتركيعهم. ولكن كيف له أن ينجح بتركيعهم، وعندهم، بعتادهم القليل، إيمانٌ بقضيّتهم أكبر من كلّ ترسانته وعتاده وعديده وجبروته”، لافتاً الى ان “جنود الأسد أسودٌ في سجونهم على الأبرياء والمعتقلين، وفي ساحاتنا ثعالب أمام المقاومين. ما في الظّلم مثل تحكّم الضّعفاء، وما في النّبل والبطولة والشّجاعة والإنسانيّة مثل قوّة المقاومين في نفوسهم”.