IMLebanon

واشنطن بانتظار الطلقة الإيرانية… الأولى

اكتملت استعدادات الولايات المتحدة لتوجيه ضربة عسكرية قاسية لإيران، ولم يعد ينقص إلا الطلقة الأولى التي تعلن بدء المواجهة العسكرية، والتي تصرّ واشنطن على أنها لن تطلقها، بل هي بانتظار طهران للقيام بذلك، وهو ما يعطي إدارة الرئيس دونالد ترامب المبررات القانونية والسياسية اللازمة لشن الضربة التي تتحيّنها منذ فترة.

الخبراء والمسؤولون الأميركيون السابقون تنبهوا لسياسة ترامب تجاه إيران، وراحوا يحذرون من مغبة اندلاع حرب معها، ويحمّلون مسؤولية أي مواجهة ممكنة إلى مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي يتمتع بسمعة تجعله واحداً من الصقور ومن وجوه الحرب في العراق، وهي الحرب «السامة» سياسياً لمن شاركوا فيها ولمن أيدوها، إن في الماضي أو في الحاضر.

مسؤولو إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، المنحازون إلى طهران عموماً والمتمسكون بسياسة التغاضي عن تصرفاتها والانفتاح عليها بأي ثمن، تنبهوا إلى فحوى سياسة ترامب – بولتون، وهي سياسة بسيطة ترمي إلى رفع الضغط الاقتصادي والسياسي والمعنوي إلى أقصى حد في وجه إيران، ورفع الاستعدادات العسكرية الأميركية إلى أقصى حد كذلك، واعتبار أي اعتداء إيراني ضد أي أهداف تابعة لأميركا أو حلفائها في المنطقة بمثابة «إعلان حرب» إيراني يسمح بـ«رد دفاعي» أميركي.

وفي هذا السياق، قال عضو مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما، كولن كال، في مقالة على موقع «فورين بوليسي»، إنه فيما تسعى طهران لتمرير الوقت واستخدام عدوانية أميركا ضدها في المحافل الديبلوماسية، بانتظار «تغيير النظام في واشنطن بعد انتخابات 2020»، تقضي سياسة واشنطن بمحاصرة طهران واستفزازها، مضيفاً «أن احتمال انخراط إيران في استفزاز يشعل مواجهة عسكرية أكبر هو احتمال حقيقي جداً، على الرغم من أن سياسة إدارة ترامب هي محاصرة طهران بهدف تضخيم خطرها».

وقال أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية لـ«الراي» إن واشنطن «لا تنوي شن هجوم ضد إيران، ولا حتى هجوماً استباقياً، لكنها مستعدة تماماً للرد على أي اعتداء إيراني على قواتنا أو على أهداف تابعة لنا أو لحلفائنا، ونحن أعلمنا الإيرانيين بذلك، وهم يتحملون مسؤولية أي استفزاز».

وفي السياق، فإن إعلان إيران وقفها الالتزام ببعض تعهداتها النووية، من خارج الاتفاقية، لا يعتبر خرقاً حتى الآن، ولن يؤدي لانعقاد مجلس الأمن، حسبما تنص الاتفاقية في حال تنصل طهران من أي من بنودها. ربما تخرج إيران عن طورها بعد 60 يوماً، وهي المهلة التي أعطاها رئيسها حسن روحاني لأوروبا لتنفيذ تعهداتها الاقتصادية حسب الاتفاقية النووية، ولكن إلى أن يحصل ذلك، يعتقد كثيرون في العاصمة الأميركية أن إيران لن تعطي القوة الأميركية فرصة للانقضاض عليها.

منذ انتخاب ترامب رئيساً وحتى الآن، بما في ذلك انسحابه من الاتفاقية النووية مع إيران قبل عام، ثم تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني تنظيماً إرهابياً، يبدو واضحاً أن طهران ملتزمة بضبط نفسها بشكل حديدي، حسب غالبية المتابعين. إلا أن حسابات خاطئة، مثل اعتبار أن قيام الميليشيات الموالية لطهران بهجمات ضد أهداف أميركية في المنطقة بمثابة رسالة غير مباشرة، قد تؤدي إلى حرب.