IMLebanon

هل يمر مشروع الموازنة من خرم الابرة البرلمانية؟

بين التحركات الشعبية الاحتجاجية في الشارع الموزعة بين عمالية نقابية ومصرفية ومتقاعدين عسكريين، وبين بعض “الحرتقات” الوزارية على مشروع الموازنة الذي يبدو اكثر من طرف غير راض عنه، لا سيما التيار الوطني الحر الذي قال رئيسه الوزير جبران باسيل انه غير موافق على الموازنة بكليتها، وطرح افكارا في اعقاب جلسة تكتل “لبنان القوي” امس كمخارج لخفض العجز اغفلها المشروع، تجد حكومة “الى العمل” نفسها محاصرة بالمتاريس السياسية والشعبية في وقت كان يفترض ان تحظى باحتضان شعبي وعناية فائقة سياسية لاخراج البلاد من دائرة خطر الانهيار المحدق بها، ان لم تقر موازنة اصلاحية بامتياز تخفض العجز في الحد الادنى الى ما دون 9 في المئة، وتوضع اصلاحات مؤتمر “سيدر” على سكة التنفيذ للحصول على المساعدات التي لحظها والكفيلة بضخ جرعة اوكسيجين في عروق الاقتصاد الجافة.

ومع ان وزير المال علي حسن خليل اكد قبيل جلسة مجلس الوزراء النهارية، اذ تعقد اخرى مسائية بعد الافطار، ان فريق عمل الوزارة يُخضع الارقام الاخيرة لمشروع الموازنة لمراجعة اخيرة وفق الموازنات التي قدمها الوزراء كل لوزارته على ان تنجز هذه الارقام في جلسة المساء، فإن ما يحيط بالمشروع من “اعتلال” كما تقول اوساط سياسية معارضة لـ”المركزية” يجعل من الصعوبة اقراره في جلسة واحدة تردد انها ستعقد الاثنين المقبل، واذا ما قفزت المكونات السياسية على ملاحظاتها الكثيرة ونفد المشروع من خرم ابرة التحفظات، فإن ما ينتظره على الحلبة المجلسية لن يكون بالسهولة التي يتوقعها البعض.

وتضيف: قدم الوزير باسيل امس، بعد جلسات نقاش وبحث وتمحيص في ارقام المشروع وغوص في اعماق المقترح فيه لخفض العجز، أكثر من 40 اقتراحاً، وأفكاراً تحت عنوان خفض العجز وتطوير الاقتصاد ورفع العائدات للدولة لمواجهة ما سمّاه “الوقوع المالي والاقتصادي الحتمي إن تراجع الوضع، ولن يكون ذلك حتمياً وحسب، بل وسريعاً أيضاً،” سلمها للوزراء في الجلسة التي انعقدت في الاولى ظهر اليوم، فهل ان هذه الافكار يمكن ان تُبت اذا ما تمت الموافقة عليها ومن دون نقاش في خلال جلسة او اثنتين؟ وماذا عن خفض موازنات بعض الوزارات التي اثارت اشكالات بين عدد من الوزراء من بينهم باسيل ووزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، الذي قال عنه باسيل لدى خروجه من جلسة مجلس الوزراء امس “ان ما يقوله قيومجيان خارج الجلسة لا يجرؤ على قوله داخلها”؟

وبعد، تستطرد الاوساط، لماذا انتظر وزير الخارجية 12 جلسة ليعلن رفضه لصيغة المشروع برمته، ويفرج عما لديه من افكار، الم يكن أجدى تقديمها منذ الجلسات الاولى لضمها الى متن المشروع، حتى اذا ما حظيت بالموافقة، تسير بالتوازي مع سائر البنود، خصوصا ان ما تضمنت من افكار ليس بالجديد ومعظم اللبنانيين يتناولونه في يومياتهم ويشيرون اليه كأبرز ابواب وقف الهدر وخفض العجز، كما انها طرحت خلال النقاشات المستفيضة في جلسات الموازنة الحكومية؟

والى افكار باسيل تقدّمت القوات اللبنانية ممثلة بنائب رئيس الحكومة غسان حاصباني بسلة اقتراحات لتخفيض العجز، تتم بإضافة بنود قانونية في مشروع قانون الموازنة ابرزها إلزام المؤسسات المرخص لها بتوفير نقاط خدمات الدفع الالكتروني للمكلفين، وتزويد وزارة المال بمعلومات تفصيلية عن هؤلاء، الإجازة لمجلس الوزراء إلزام جهات رسمية معينة أن تضيف إلى المبالغ التي تقبضها من بعض المكلفين نسبة من المبلغ المسدد، يعتبر أمانة على حساب الضريبة المتوجبة على المكلف.

إلزام البلديات كل في نطاقها إجراء مسح ميداني للمؤسسات التجارية والصناعية القائمة ضمن نطاقها، وتزويد وزارة المالية بنتيجة المسح، إلزام البلديات عند الترخيص بإشغال عقارات من قبل مؤسسات تجارية أو صناعية أو مهنية في نطاق كل منها، إبلاغ وزارة المالية بالمؤسسات والمهن التي ليس لديها رقم ضريبي. كذلك تقدم حاصباني بطرح دراسة إصلاحية لمرفأ بيروت، وخطوات عملية لرفع قيمة التحويلات في عام 2019، وإصلاح بعيد المدى عبر إشراك القطاع الخاص ووضعه بتصرف وزير النقل والاشغال، ومجلس الوزراء. وذلك يمكن أن يحقق زيادة 150 ملياراً في عام 2019 على المبلغ المتوقع تحويله من إدارة المرفأ، و 1500 مليار عام 2020 مع استمرار المشاركة بالعائدات، بنسبة سنوية للخزينة، ما يجعل العائدات الإجمالية للمرفأ خلال 20 عاماً أكبر من المبلغ الحالي، مع وقع إيجابي كبير على الاقتصاد وأداء المرفأ والدين العام.

مجمل الافكار والطروحات المشار اليها، على أهميتها، تعتبرها الاوساط متأخرة، اذ كان على القوى السياسية رفعها الى المجلس في اولى جلساته او حتى خلال اعداد مشروع الموازنة، او حينما تم تسليمه للوزراء، فلو كانت النيات حقيقية لما تُركت لربع الساعة الاخير، سائلة هل ان نية اصلاح الدولة موجودة عن حق ام ان الشعبوية والمزايدات تتقدم على كل ما عداها؟