IMLebanon

مار نصر الله بطرس صفير.. البطريرك الإستثنائي

كتب المحامي وليد أبو دية في صحيفة “اللواء”:

لبنان في حداد على المثلث الرحمات، البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، في حسرة على فقيد كبير انتزع إعجاب العالم، واستأثر باهتمام اللبنانيين، وهو على فراش الموت، بين قلق ورجاء وصلاة.

لقد عمّت الصلوات، لأيام خلت وبإيمان ما بعده إيمان، على نيّة شفاء هذا الرجل الاستثنائي، المتميّز بتواضعه وصلابته وإيمانه. فما من أحد إلا وكان يصلّي مشاركة لمتألم يصارع الموت بصبر وإيمان… كل الصلوات توجّهت نحو السماء، نحو رب العرش العظيم، عسى أنْ يمدّه بالعافية، وأنْ يعمَّ السلام كل أرجاء هذا العالم والرجاء الصالح لبني البشر.

البطريرك صفير كان رائداً للإنسانية، نذر حياته لخدمة هذا الوطن لبنان، داعياً لإزالة الفوارق بين أبنائه يوم انتخبه مجلس المطارنة بطريركاً في 19/4/1986، وهو البطريرك السادس والسبعون في سلسلة البطاركة الموارنة…

قاربت أعوامه المباركة حد المئة في سبيل تحقيق رسالة المحبة والسلام. فكان وبحق بطريركاً استثنائياً، أحبه اللبنانيون، كل اللبنانيين، لتواضعه وقربه منهم، متحسّساً معاناتهم، رافضاً كل تفكير طبقي.

كان همّه الأوحد لبنان ووحدة أبنائه، وهذا ما ظهر جلياً في معظم عظاته وتصريحاته التي لاقت كل ترحيب بين مختلف الطوائف والمذاهب.

الخسارة بفقدان غبطته خسارة لنا جميعاً مسلمين ومسيحيين، وهي بقدسيتها خسارة للوطن والعالم بأسره. إنّها خسارة اهتزت لها كل أصقاع البشرية.

رحيل البطريرك صفير سيترك فراغاً في زمن قلّت فيه المسؤوليات، وفراغاً في إطار المحبة والسلام والوحدة التي انتهجها سبيلاً لحلول أرضت الجميع.

فلبنان الذي عرف الراحل الكبير، وأعجب بفضائله وتواضعه، وبادله المحبة والاحترام، ينحني اليوم بإجلال وتقدير أمام هذا الخطب الجلل، ويسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يُتيح لخلفه غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، البطريرك السابع والسبعون أطال الله بعمره، إكمال الرسالة – وهو مَنْ سيم أسقفاً على يده – راعياً للمحبة بين اللبنانيين، وأنْ يستمر بانتهاج هذا الخط خدمة للإنسانية، فتتجسّد القيم الروحية، وينتصر ملكوت الله، ويعم السلام ربوع هذه الأرض، والوطن.