IMLebanon

اقتراح بري الانتخابي: محدلة في خدمة “الثنائي” ومواجهة عون؟

لم ينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تطوي الرزنامة أكثر من عام على الانتخابات النيابية التي أجريت عام 2018 ليفتح باكرا معركة القانون الانتخابي الجديد، بحجة ضرورة تفادي الوقوع في فخ التجربة اللبنانية المعتادة من حيث ضغط المهل، والغرق في نقاشات مستفيضة تقفز فوق المهل الدستورية، وتقود البلاد إلى التمديد النيابي حارمةً الناس حقهم الديمقراطي الأهم في انتخاب ممثليهم في الندوة البرلمانية.

في الشكل، يلحظ اقتراح القانون الذي بلوره النواب أنور الخليل وإبراهيم عازار وهاني قبيسي إلغاء الصوت التفضيلي، وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة (أي أن كل شخص يقرر المشاركة في الاستحقاق الانتخابي يعطي صوته لـ 128 مرشحا)، على أساس النسبية. في الشكل أيضا، يتيح هذا الاقتراح تسجيل عدد من الملاحظات، أولها طي صفحة تقسيم الدوائر المعتمد في القانون الساري المفعول راهنا، وهو الذي أقره المجلس النيابي السابق في 16 حزيران 2017، مع الإبقاء على النسبية وإلغاء الصوت التفضيلي. خطوة يصنفها الدائرون في فلك عين التينة في سياق الدفع في اتجاه قيام دولة مدنية بعيدة من الطائفية، وهو التوجه الذي عبّر عنه رئيس المجلس في أكثر من مناسبة.

وفي وقت تستمر الجولة التي يقوم بها الثلاثي الخليل – قبيسي – عازار لعرض الاقتراح على مختلف الأفرقاء، تلفت مصادر سياسية مراقبة، عبر “المركزية”، إلى أن أهم ما في اقتراح القانون الذي يرفع بري وكتلة “التنمية والتحرير” اليوم رايته يكمن في انعكاساته السياسية والشعبية والانتخابية التي من شأنها، في حال كتب للاقتراح أن يوضع على سكة التطبيق، أن تقلب معادلات سياسية وتخط مشهدا يصب أولا في مصلحة الثنائي الشيعي، الذي تشكّل حركة “أمل” أحد أقنوميه.

وفي هذا الإطار، تنبّه المصادر إلى أن الركون إلى النظام النسبي سيتيح، بطبيعة الحال، لغالبية الأحزاب التي ستخوض غمار السباق الانتخابي أن تتمثل في المجلس النيابي الجديد.

غير أنها تنبه أيضا إلى أن الأهم يكمن في أن الدوائر الموسعة التي تفرضها النسبية قد تضعف التأثير السياسي والشعبي والانتخابي لبعض المكونات التي تتوزع أحزاب كثيرة تمثيلها السياسي.

وفي السياق، تلفت المصادر إلى أن وحدة الصف الشعبي الشيعي خلف الثنائي “أمل” – “حزب الله” يتيح الكلام عن أن الخيارات ستركن إليها هذه الشريحة من الناخبين قد تكون بمثابة “محدلة” من شأنها أن تطيح الفاعلية السياسية والشعبية للخيارات المسيحية أولا، خصوصا أن كلًا من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب” وتيار “المردة” وسواها تتقاسم الساحة السياسية المسيحية، في مقابل وحدة الصفين السني والدرزي (في أغلبيتهما الساحقة) خلف تيار “المستقبل” والحزب “التقدمي الاشتراكي”، علما أن النسبية ستتيح لبعض خصومهما كالنائب طلال أرسلان وعدد من أعضاء “اللقاء التشاوري” السني العودة (أو الدخول للمرة الأولى) إلى ساحة النجمة.

ولا تستبعد المصادر أن يكون الهدف من وراء طرح القانون الانتخابي، في هذا التوقيت تحديدا، يحمل بين طياته “رسائل مشفرة من عين التينة في اتجاه بعبدا، فيما العلاقات بين الطرفين متوترة منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية”.