IMLebanon

الصرع: بين الوهم والواقع

كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:
مرض الصرع من أكثر الأمراض العصبية انتشاراً لدى الأطفال والراشدين. ولكن معظم الناس لا يعرفون حقيقة داء الصرع ولديهم مفاهيم خاطئة موروثة حول هذا المرض. على سبيل المثال، يعتبر البعض أنه مرض خطير مصحوب بتأخر عقلي، وأنه يدوم مدى الحياة. وبالتالي، يبالغ الكثيرون في حماية المرضى المصابين بداء الصرع ولا يفهمونهم، ما لا يساعد في تقبّلهم في المجتمع.

داء الصرع هو زيادة المؤشرات الكهربائية في الدماغ. ويصفه الدكتور رامي الأتات، أخصائي أمراض الدماغ والجهاز العصبي وأستاذ جامعي، في حديث لـ»الجمهورية»، على أنه «حالة الشعور بالهزيمة أو التعرض للهجوم». ويشير د. الأتات إلى أنّ «المريض المصاب بالصرع يتعرض لنوبات تشنّج واختلاجات متكررة. وقد يكون الصرع كليّاً، أي يشمل أكثر من منطقة في الدماغ، أو جزئيّاً، أي يصيب منطقة محددة في الدماغ. ويستعمل معظم الناس عبارة «الكهرباء بالرأس»، و»نوبة النقطة» وعبارات مشابهة شائعة في اللغة الشعبية، غير أنّها خاطئة».

حوالى 1% من الناس في العالم مصابون بداء الصرع. وبحسب د. الأتات، «80% من الحالات قابلة للعلاج بسهولة. وفي 20% من الحالات، قد يواجه المريض صعوبة في العلاج. ويصيب داء الصرع ضحايا من جميع الأعمار، من الولادة حتى سن الكبر، وتختلف الأسباب. فتكون أحياناً وراثية، أو غير معروفة، كما قد يكون الصرع نتيجة جلطة في الدماغ، أو نزيف دماغي، أو ضربة على الرأس، أو ورم في الرأس، أو تغيّر في أملاح الجسم».

العلاج 
تتعدد الأدوية التي تعالج مرض الصرع، وقد يمتد العلاج على عدة سنوات. وينصح د. الأتات بـ»تناول الأدوية بانتظام. وينبّه أنه «على عكس المعتقدات، الإصابة بداء الصرع لا تعني وجود خلل أو «جنون» لدى المصاب. ولا تؤثر الإصابة في مرحلة الطفولة على وضع الشخص العقلي والنفسي والجسدي بعد الشفاء، إلّا إذا كان «status epilepticus»، أي عندما تدوم النوبة أكثر من 5 دقائق متواصلة أو عندما تتتالى نوبتان من دون أن يتعافى المريض بينهما. وتقتضي هذه الحالة علاجاً مكثّفاً وسريعاً». ورغم وجود العلاج، لا يزال يعاني مرضى الصرع من صعوبات اجتماعية ونفسية تزيد من تلك الطبّية. فيمكن للوعي الاجتماعي حول الصرع أن يساعد المريض في تلقي الاهتمام اللازم والصحيح في حال الإصابة بنوبة، وفي تخطي عوائق حصوله على التعليم والعمل، وحياة طبيعية.

التشخيص 
يشخّص الطبيب المختص مرض الصرع من خلال العوارض. فيقول د. الأتات: «عند حدوث النوبة، نتأكد أولاً من الشواهد العيان، إذ لا يعي المريض ما حصل معه. فنستفسر عن تفاصيل النوبة. وبناءً على هذه المعلومات، نجري تخطيطاً لأمواج الدماغ لتحديد موضع النشاط الكهربائي. وتختلف العوراض بحسب نوعية الصرع. فإذا كان الصرع كليّاً، يشعر المريض بأحاسيس مفرطة لم يختبرها من قبل، واختلاجات عضلية غير إرادية، ويقع بالغيبوبة. أما الصرع الجزئي، فعوارضه تظهر في المكان في الجسم المتصل بموضع الإصابة في الدماغ، ولا يقع المريض بغيبوبة».

بعض الإرشادات 
الأهم هو إعلام المحيط عن حالة المريض، إن كان في المدرسة أو العمل، وإعطاء الإرشادات. كما يجب ألّا يخاف المريض من مرضه. ولا يجب أن يدفع الأهل الولد إلى الشعور أنه مميّز عن غيره. وينبّه د. الأتات من «الخوف والهلع من حالة النوبة. فعند حدوث النوبة، يجب وضع المريض على الأرض وتفادي وقوعه، ووضع شيء طري تحت رأسه، وإزالة أيّ قطعة ملابس قد تزعجه أو تخنقه. ومن الأفضل وضع المريض على جنبه كي يُخرج اللعاب من فمه. كما لا يجب محاولة فتح الفم لإدخال دواء أو مياه، أو لسحب اللسان. وعلى المريض التوقي من الخطر، فالنوبة بنفسها غير مؤذية، ولكن يجب تجنب الوقوع، والقيادة، والعمل بآلات حادة، وممارسة رياضة قد تؤذيه».