IMLebanon

كرامي لباسيل: “الله يسامحك…”

كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:

إستعادت العلاقة بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ورئيس تيار «الكرامة» النائب فيصل كرامي «نضارتها» الى حد كبير بُعَيد الجفاف الذي أصابها في المرحلة السابقة، بفعل تراكم المواد الخلافية. وما فرّقته السياسة جمعته مأدبة سحور رمضانية استضافها باسيل في البترون، وشكّلت فرصة لـ»الفَضفضة» وتنظيم العلاقة… فما هي قصة «سحور المصالحة»؟ وماذا دار خلاله؟

عندما جَرت انتخابات نقابة المهندسين في الشمال، قبل فترة، دعمَ كرامي مرشح «التيار الوطني الحر»، متجاوزاً الخلاف حول بعض الملفات مع باسيل. كذلك، دعمَ كرامي مرشّح تيار»المردة»، مُساهماً في فوز المرشحين الاثنين، بعدما كانت النقابة تشكّل قلعة لتيار «المستقبل» و»القوات اللبنانية».

لاحقاً، زار وفد من «التيار الحر» كرامي في منزله شاكراً إيّاه على مبادرته، ومؤكداً له انّ القواعد البرتقالية تشعر بالراحة في تعاطيها مع قواعد تيار «الكرامة»، فبادَله كرامي الشعور نفسه، إنطلاقاً من انّ هناك قواسم مشتركة استراتيجية تجمع الجانبين.

ومع تعيين مسؤول جديد لـ»التيار» في طرابلس هو ربيع الفَلو، تعزّز الانفتاح المتبادل بعد قطيعة، خصوصاً عقب زيارة الفلو الى كرامي ناقلاً رسالة إيجابية من باسيل الذي «لا يرى داعياً للجفاء والحِدة في المواقف»، فشرح كرامي لضيفه تاريخ العلاقة مع باسيل، بمحطاتها الايجابية والسلبية، وكيف تعزّزت الصداقة بينهما منذ ايام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

ويُسجل كرامي لباسيل أنه تحدّى عوامل الطبيعة ونزل من جرد البترون الى ساحلها، في عزّ إحدى العواصف الشتوية، ليستقبل مع حشد من مسؤولي «التيار» وجمهوره نعش الرئيس الراحل عمر كرامي خلال نقله الى طرابلس، ثم رافقه الى عاصمة الشمال. كذلك، لا يخفي كرامي تقديره لحرص باسيل على زيارته في منزله في بيروت غداة توقيع مصالحة معراب مباشرة، لمعرفته بالحساسية الفائقة لدى ابن شقيق الرئيس الشهيد رشيد كرامي حيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

أمّا أبرز الملفات الخلافية التي فرّقت الرجلين، فهي التسوية الرئاسية التي حققت الشراكة بين «التيار» والرئيس سعد الحريري ثم الانتخابات النيابية التي كَرّست التباعد مع كرامي، لينتهي به المطاف في صفوف المعارضة.

بالترافق مع كسر الجليد واستئناف التواصل، أبلغ مسؤول «التيار» في طرابلس الى كرامي انّ باسيل يرغب في دعوته الى مأدبة سحور على شرفه، فأبدى النائب الطرابلسي استعداده لتلبيتها «لأن ما في دم بيننا.. وخصومتنا ليست استراتيجية». لاحقاً، إتصل باسيل هاتفياً بكرامي ودعاه شخصياً الى مائدة السحور في منزله في البترون، واتفقا على موعده.

إستقبل وزير الخارجية ضيفه بحفاوة، وكان ودوداً خلال اللقاء الذي استمر من العاشرة والنصف مساء الى الأولى ونصف بعد منتصف الليل، في حضور شخصيات من «التيارين»، وتخللته خلوة لنحو نصف ساعة بين باسيل وكرامي، سادَتها المصارحة المتبادلة حول كل الامور التي نوقشت.

شرح كرامي لباسيل مآخذه على التسوية الرئاسية واعتراضه على اختصار الطائفة السنية بالحريري الذي يمثّل جزءاً من السنّة وليس كلهم، قائلاً له: «أنا أتفهّم انّ ضرورات حماية لبنان من التوتر الاقليمي والدولي دفعتكم الى التسوية التي أصبحتم مضطرّين بموجبها الى مراعاة بعض المسائل، أمّا أنا فلستُ مضطراً الى فِعل ذلك». وشرح باسيل من جهته مقاربته للتسوية ومفاعيلها.

وأبلغ كرامي الى باسيل انه سيكون حاداً في مناقشة الموازنة بعد إحالتها الى مجلس النواب، «وأنا لن أهادِن في شأنها، مع تقديري للموقف الذي اتخذته حيالها في مجلس الوزراء». وأضاف مخاطباً باسيل على سبيل «النكتة السياسية»: «يا ليتك تركتَ الموازنة كما كانت أساساً، لأن كنت بَدّي طَرطِق فيها عالتقيل.. ألله يسامحك، لأنك حسّنتها باقتراحاتك…».

وعند التطرّق الى تحدي مكافحة الفساد، بَدت مساحة التلاقي واسعة بين باسيل وكرامي الذي أكد انه سيواجه مظاهر الفساد بقسوة، فقال له وزير الخارجية: «ما في حدود لهذه المعركة… خود راحتك… ونحنا مكمّلين فيها للنهاية».

وكان طيف الوزير السابق سليمان فرنجية حاضراً في اللقاء، حيث أكد كرامي «انّ سليمان هو أخي وصديقي وحليفي، وعندما حورِبتُ وحوصِرتُ خلال الانتخابات السابقة وقفَ الى جانبي بكل قوة، وانا لا يمكن ان أتنكّر لهذه الوقفة». فأجابه باسيل: «أنت آدمي ووَفي.. وأصلاً لا توجد مشكلة عميقة بيني وبين سليمان». مع الاشارة الى انّ البحث لم يتطرق الى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأبدى باسيل عتبه على مشاركة كرامي في توقيع الطعن النيابي في قانون الكهرباء، فلفتَ نائب طرابلس الى انه ليس ضد هذا القانون بكامله، لكنّ إحدى مواده تشكّل مخالفة واضحة للدستور، «وتوقيعي الطعن يأتي في إطار حرصي على الدستور ولا يستهدفك شخصياً».

وفي الحصيلة الاجمالية لـ»السحور»، تفاهَم الرجلان على التعاون في الملفات التي يلتقيان حولها، وأكدا ضرورة فصل الشخصي عن السياسي، واحترام كل منهما لرأي الآخر في القضايا التي لا يتفقان عليها، بحيث لا يفسد الخلاف في الود قضية.