IMLebanon

أين “التشاوري” بعد 5 أشهر على التشكيل؟

لم يكن تشكيل الحكومة الخلاصة الوحيدة لمشوار التأليف الطويل الذي استهلك من عمر الوطن والناس والاقتصاد ذي الوضع الهش أصلا تسعة شهور. ذلك أن هذه الرحلة الشاقة انتهت إلى تغيير في قواعد اللعبة السياسية المحلية، خصوصا لجهة تكريس الدور الأساسي والمحوري لـ”حزب الله” في تحديد التوازنات السياسية في طائفته، كما في الطوائف الأخرى لتوجيه السهام السياسية إلى خصومه، فضلا عن محاولة تحجيم بعضهم وفرض إرادته على المسار العام في البلاد.

في هذا السياق، يدرج مراقبون، عبر “المركزية”، الدعم غير المحدود الذي مدت به الضاحية النواب السنة الذين اعتبرتهم “مستقلين”، كونهم لا يدورون في فلك تيار “المستقبل”. معتدّا بالنسبية التي جرت على أساسها الانتخابات النيابية الأخيرة، رفع “حزب الله” بشراسة لواء ضرورة تمثيل النواب السنة غير المحسوبين على “بيت الوسط” في الحكومة الأولى بعد استحقاق أيار 2018.

وفي هذا الإطار، يذكّر المراقبون أن “الحزب” لم يجد أي ضير في إجهاض عملية التشكيل في لحظاتها الأخيرة كرمى لعيون “اللقاء التشاوري” الذي ضم النواب السنة الموالين للضاحية، وغير المحسوبين على “بيت الوسط”، ولضمهم إلى الفريق الوزاري، فكان لها ما أرادت بتوزير حسن مراد وإعطائه حقيبة وزارة الدولة لشؤون التجارة الخارجية، وهي منصب وزاري مستحدث خصيصا له، أمن من خلاله تكتل “لبنان القوي” وحلفاؤه الثلث المعطل لاستخدامه عندما تدعو الحاجة.

إلا أن المراقبين أنفسهم يشيرون إلى أن شريط الأحداث الذي سجلته الساحة السياسية منذ انتهاء بازار المفاوضات الحكومية سجل تراجعا لافتا في الحضور الفاعل لـ”اللقاء التشاوري”، الذي اكتفى باتخاذ بعض المواقف التي خصصها، بطبيعة الحال، للقنص في اتجاه الخصم الأول، زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري. هذه الصورة، معطوفة على تراجع “التشاوري” عن خوض الانتخابات النيابية الفرعية في مواجهة تيار “المستقبل” في عاصمة الشمال (التي لطالما اعتبرت معقلا أزرق بامتياز)، تؤكد الانطباع الذي ساد في خلال مفاوضات التشكيل عن أن الحزب لعب دور الرافعة السياسية لـ”اللقاء” ليتمكن من خوض المواجهة المفتوحة ضد “بيت الوسط”، متجاوزا التعايش القسري الذي ارتضى به الطرفان تحت وطأة التسوية الرئاسية.

إلا أن عضو “اللقاء التشاوري” النائب قاسم هاشم لا يقارب الأمور على هذا النحو، مؤكدا عبر “المركزية” أن “اللقاء في تركيبته وكيانه لا يزال قائما وموجودا ويجتمع عندما تدعو الحاجة، وتتيح ذلك ظروف أعضائه”.

وشدد على أن “اللقاء ليس تجمعا سياسيا موجها ضد الرئيس سعد الحريري، أو أي طرف سياسي آخر، بل يمارس حقه في إبداء رأيه إزاء الملفات المطروحة على بساط البحث السياسي”، مشيرا إلى أن آخر اجتماع عقده اللقاء حصل يوم الجمعة الفائت في دارة النائب جهاد الصمد في بخعون (الضنية)، وهو التقى اليوم الثلثاء وفدا من كتلة “التنمية والتحرير” للبحث في اقتراح قانون الانتخابات الجديد الذي يرفع لواءه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحركة “أمل”.