IMLebanon

“الأحادية الشيعية” تواجه التغيير الإقليمي بكسر الزعامات السياسية في الطوائف

على وقع المتغيرات المقبلة على المنطقة من نافذة مشروع السلام، الاميركي المنشأ والخليجي الانتاج والتصدير – على رغم بعض التحفظات العربية، والاسرائيلي الترويج، ترسم القوى السياسية اللبنانية استراتيجية عملها وخريطة طريق اندماجها في المنظومة السياسية الاقليمية الجديدة تحسبا لدخول “صفقة القرن” حيز التنفيذ، اذا ما قُيّض لها ان تقفز فوق مطبات الاعتراض التي تبدو بعض الدول المعنية مباشرة بالصفقة تطالب بأثمان اعلى من الممنوحة راهنا مقابل الموافقة عليها.

اكثر المعنيين برياح التغيير، كما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، هو “حزب الله” الذي سيخسر جميع اوراق قوته العسكرية بانتفاء مبررات مقاومته، ما سيضطره حكما الى البحث عن دور جديد يعوض عليه “الخسارة”. وفي موازاة مهمة مواجهة التوطين التي رفعها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله شعارا للمرحلة، في خلال اطلالته الاخيرة، يعدّ الحزب العدة لضمان استمرار الامساك بالقرار السياسي عبر خطة ذكية رسمت قيادته خطوطها العريضة منذ مدة ترتكز الى سياسة “فرق تسدّ”، بحسب المصادر التي تلاحظ ان حجر زاويتها بث الفرقة بين المكونات الاساسية داخل الطوائف لكسر الاحاديات وقيام ثنائيات وثلاثيات وأكثر اذا امكن فيتشتت القرار ضمن الطائفة الواحدة بما يضعفها فلا يبقى آنذاك الا احادية واحدة هي ما يمثله تحالف “حزب الله” – “أمل”، الثنائي التسمية والاحادي القرار.

وتدعيما لوجهة نظرها هذه، تقول المصادر السيادية ان ما يجري داخل الطائفة الدرزية من استهداف للزعامة التاريخية للمختارة ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لهو ابلغ دليل الى المخطط. فسلسلة الاشكالات التي غزت الجبل منذ سنوات لبث التفرقة ومحاولة رفع بعض الشخصيات الى مرتبة الزعامة في مواجهة جنبلاط، ليست منبثقة من عدم ولا وليدة الصدفة، بل من ضمن السيناريو المشار اليه.

اما في البيئة السنية حيث الكلمة الاساس للزعامة الحريرية، فكان الحزب أكثر وضوحا في مجال الاصرار على كسر الاحادية، بإصراره على تغيير قواعد لعبة تشكيل الحكومات، عن طريق “فرض” توزير السنة الذين صنّفهم بـ”المستقلين” وهم في الحقيقة يدورون في فلك الضاحية، فعطّل الحكومة اكثر من تسعة اشهر، معتدّا بالقانون النسبي الذي افسح المجال لإيصال النواب السنة الستة، ليس كرمى لعيونهم بل لمحاولة تحجيم الحريري وتكريس الثنائيات ضمن الطائفة السنية التي تحلق قادتها في الانتخابات النيابية حوله. وكان له ما اراد باستحداث منصب وزاري لحسن مراد، ضرب به عصفورين بحجر، كسر الحريري وتأمين الثلث المعطل مع الحلفاء.

ولا تستبعد المصادر السيادية ان تكون خلف ما يجري من سخونة بلغت في الايام الماضية حدّها الاقصى بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” يد للحزب، من خلال تحالفه مع “التيار” ومقايضة بعض المصالح. هذه اليد ترى المصادر انها اثّرت مباشرةً في زعزعة اسس التسوية الرئاسية التي انطلقت ثلاثية، “التيار الوطني الحر”، “المستقبل”، “القوات اللبنانية”، ثم تحولت رباعية بانضمام الحزب الاشتراكي اليها. اذ في مقاربة بسيطة يتبين ان علاقة المكونات الاربعة ببعضها البعض تعرضت، وتتعرض في شكل دائم، لصواعق تصيبها في الصميم، من اجل قطع الطريق على اي ثنائيات قوية بين الطوائف من شأنها ان تؤثر في مسار القرار السياسي الذي يمسك به “الثنائي الشيعي”.

مجمل ما تقدم، ترى المصادر انه ينبثق من نقطة مركزية يستمد “حزب الله” منها قوته وجبروته: الدعم الخارجي من الجمهورية الاسلامية والغطاء المسيحي من “التيار الوطني الحر”، وإلى ان تنقلب هذه الآية ويتبدل المشهد، سيبقى “حزب الله” الاقوى لبنانيا، عصيّا على اي خرق وممسكا بزمام اللعبة السياسية وفق ما تشتهي سفنه.