IMLebanon

تريدون فسادكم في خدمة الإرهاب؟! (بقلم طوني أبي نجم)

لم يتكبّد من قام بهندسة الموازنة عناء ضبط مكامن الفساد الأساسية في مزاريب الدولة السائبة، فركزوا في جزء أساسي على الجيش والمؤسسات الأمنية وكأنها “بدل عن ضائع” في الموازنة للتعويض عن الفشل والعجز الرسميين عن إجراء الإصلاحات الحقيقية المطلوبة للوصول إلى موازنة نهوض اقتصادي ومالي.

هكذا تحوّل التركيز الرسمي إلى “العبث” بموازنات المؤسسات الأمنية والعسكرية تحت شعار التقشف، من دون أي اعتبار للأوضاع الخطرة التي يمرّ بها لبنان أمنياً سواء لناحية وضع المنطقة المتوتر والمتفجّر أو لناحية ضرورات مواجهات الإرهاب المستمرّ فصولاً، وآخر تجلياته البشعة ظهرت في عاصمة الشمال طرابلس ليل عيد الفطر المبارك.

دعونا للحظة نبتعد عن كل النظريات والمزايدات السياسية الساقطة حكماً أمام تضحيات ضباط وجنود الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الشرعية ودمائهم المسفوكة على مذبح هذا الوطن، فإن ما يثير القلق الشديد بعد الاعتداء الإرهابي في طرابلس هو كيف سيتمكن الجيش والقوى الأمنية من الاستمرار في مكافحة الإرهاب ورصد الإرهابيين والخلايا النائمة والصاحية في عصر “الذئاب المنفردة” إذا كان التوجّه الرسمي هو لخفض المخصصات السرية للأجهزة الأمنية والعسكرية التي تشكل العصب الأساس لتشكيل شبكات المخبرين واختراق خلايا الإرهابيين وبيئتهم؟

وإذا كان مفهوماً أو “مبرّراً النقاش حول التدبير الرقم 3 وآليات تطبيقه بالتنسيق مع القيادات العسكرية والأمنية التي لم ترفض النقاش في هذا الموضوع، هل يمكن فهم ضرب قدرات الأجهزة الأمنية وشلّها ما سيؤدي حكماً إلى منعها من القيام بواجباتها؟ هل يُدرك المعنيون كم تنفق الدول الغربية من موازنات بهدف مراقبة الشبكات الإرهابية وتمكين أجهزتها من القيام بـ”الأمن الاستباقي” لمنع الاعتداءات، وهو ما نجحت فيه الأجهزة الأمنية اللبنانية بقيادة مخابرات الجيش وشعبة المعلومات والأمن العام بنجاح منقطع النظير حظي بتنويه أهم الأجهزة الأمنية العالمية؟

هل من داعٍ للتذكير بعشرات الشبكات الإرهابية التي فككتها “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي منذ “فتح- الإسلام” مروراً بشبكة “سماحة- المملوك” وليس انتهاءً بجماعة “داعش”، ومئات الإرهابيين الذين أوقفتهم مديرية المخابرات في الجيش اللبناني في السنتين الأخيرتين ناهيك عن الذين اعتقلهم “الأمن العام”

إن ما قبل اعتداء طرابلس الإرهابي لا يمكن أن يكون كما بعده، وعلى النواب اللبنانيين أن يثبتوا في دراستهم للموازنة في مجلس النواب أنهم لن يسمحوا بإضعاف الأجهزة الأمنية اللبنانية في مواجهة الإرهاب، حيث يجب أن تتركز نقاشاتهم على كيفية تدعيم قدرات أجهزتنا الشرعية والتعويض في التقشف من أبواب فساد الطبقة السياسية وزبائنيتها.

إن العيون اليوم مركزة على ما سيفعله نوابنا من كل الكتل النيابية، سواء في لجنة المال والموازنة أو اللجان المشتركة وصولاً إلى الهيئة العامة التي ستُقرّ الموازنة، وحكمنا لن يكون رحيماً بحق كل نائب سيحاول أن يمسّ بقدرات أجهزتنا على حمايتنا وحماية البلد من كل المخاطر الإرهابية وغير الإرهابية للإبقاء على تمويل فساد الطبقة السياسية، ولن نقبل بأن يكون الفساد في خدمة الإرهاب… ونقطة عالسطر!

حمى الله لبنان وجيشه وأجهزته الأمنية وشعبه ومؤسساته في هذه المرحلة الخطرة…