IMLebanon

“مرونة الحزب” في مفاوضات الترسيم: رغبة ايرانية بعدم التصعيد!

اذا صدقت النيّات الاسرائيلية، يتوقّع ان ينطلق قطار المفاوضات اللبنانية-الاسرائيلية بوساطة ورعاية اميركية قريباً من محطة تلازم الترسيم البحري والبري كما جاء في الورقة اللبنانية، بعدما كانت واشنطن تطلب من بيروت الموافقة على خطة هوف وترفض الربط بين المسارين البري والبحري. لكن، وانطلاقاً من التجارب الاسرائيلية “غير المُشجّعة” في عدم الالتزام بما يُتّفق عليه والمماطلة والتسويف، يبقى التساؤل مشروعاً: لماذا وافقت تل ابيب الان على ما طلبه لبنان، ولماذا قررت واشنطن الدخول على خط المعالجة وعلى تلازم الترسيم للحدود البحرية والبرية والتخلّي عن مشروع هوف؟

اوساط دبلوماسية غربية اجابت عبر “المركزية” على هذه التساؤلات بالاشارة الى “ان هناك تقاطع مصالح بين اميركا ولبنان واسرائيل حمل المعنيين على القبول بالمفاوضات وانهاء الخلاف حول ترسيم الحدود البحرية والبرية”. واعتبرت “ان الجانب الاميركي الذي يولي الاستقرار والامن في لبنان اهمية قصوى، اقنع تل ابيب (الحريصة على استمرار الهدوء في الجبهة الشمالية) بضرورة التفاوض لانهاء الخلاف لقطع الطريق على دخول اطراف على الخط وتسخين الجبهة او تعطيل مشروع السلام المعروف بـ”صفقة القرن” من خلال خلق “ديفرسوار” في لبنان انطلاقا من الجنوب”.

وينتظر لبنان إنهاء النزاع الحدودي البحري والبري لانطلاق مرحلة التنقيب عن النفط والغاز في وقت هو في امسّ الحاجة الى موارد جديدة لسدّ العجز ورفع الايرادات. لذلك كانت حاجة سياسية لانهاء ملف الترسيم مع اسرائيل، لان ذلك يؤمّن ضمانة امنية واقتصادية ومالية وسياسية للبنان، خصوصا انه لا يريد فتح جبهة مع تل أبيب بل ان تنسحب من الاراضي اللبنانية التي تحتلها.

وتبقى العين على “حزب الله” الذي يملك “الحل والربط” بالنسبة لقراري الحرب والسلم، خصوصاً انه ابدى مرونة “لافتة” وهادئة في مواكبة محادثات نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد.

وفي قراءة “لهدوء” الحزب، عزت الاوساط الدبلوماسية الامر الى “انه لا يريد المواجهة مع اسرائيل في موقف ايجابي يعكس رغبة ايرانية بعدم التصعيد، وبأن طهران هي من تملك الورقة اللبنانية، وتحديداً الملف النفطي وتتحكّم بتوجيه بوصلتها”.

من هنا، ذكّرت الاوساط “بمسارعة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لاعلان الترحيب والتأييد والدعم لخطوة الرئيس نبيه بري للتفاوض وادارة الملف مع الجانب الاميركي. فالحزب الذي بات يُخصص جزءاً كبيراً من خطابات امينه العام للشأن اللبناني خلافاً للسابق، يسعى للعودة الى الساحة الداخلية وتعزيز موقعه لتجميع اكبر قدر ممكن من الاوراق تدعم موافقته على التفاوض”.

واعتبرت الاوساط الدبلوماسية “ان مرونة “حزب الله” في التعامل مع ملف الترسيم والتفاوض مع اسرائيل بمثابة الحجر الذي اصاب فيه اكثر من عصفور. فهو بذلك يعطي صورة ايجابية للخارج انه ليس تنظيماً ارهابياً وانه يرفض المواجهة مع اسرائيل، وان اجندته لبنانية بدليل رفض اعتماد السخونة في الجنوب بالتزامن مع التصعيد الحاصل على الجبهة الاميركية الايرانية.

لكن في مقابل “مرونة” حزب الله” وجهود واشنطن في إقناع الجانب الاسرائيلي، تخشى اوساط سياسية مما اعتبرته “مطبات مفخخة” في مواقف تل ابيب قد تنسف المفاوضات التي تسير بهدوء وخطى ثابتة.

ورأت في تحديد مهلة 6 اشهر لانهاء الترسيم، “محاولة لحشر بيروت، وبالتالي التنصل من المسؤولية وتحميلها لاحقاً مسؤولية نسف المفاوضات عبر خلق الاعذار للتأخير والقول ان لبنان لا يريد الترسيم وهو من يُعطّل المسعى الاميركي”.

كما تخشى الاوساط “من ان يقع لبنان في “الفخ” الاسرائيلي الذي تحاول تل ابيب نصبه في مفاوضات الترسيم، من خلال قبولها برعاية الامم المتحدة ووساطة اميركا، الدفع في اتّجاه مفاوضات مباشرة مع لبنان وتحويل لجنة الناقورة العسكرية الثلاثية الى لجنة سياسية بإشراك دبلوماسيين وخبراء واصحاب اختصاص، علماً ان لبنان يرفض ذلك ويحصر دور لجنة الناقورة في اظهار حقه والتمسك به”.