IMLebanon

لبنان في انتظار ساترفيلد وعيْنه على لملمة “حروبه الصغيرة”

هل تنجح القوى السياسية اللبنانية في إطفاء «الحروب الصغيرة» التي اشتعلت على أكثر من جبهة، من دون أن يلجمها الخطر الأمني الذي أطلّ برأسه ليلة عيد الفطر مع العملية الإرهابية التي شهدتها طرابلس؟
هذا السؤال فَرَضَ نفسه في بيروت عشية أسبوعٍ ينطلق مثْقلاً بـ«الندوب» التي تركتْها الأيام الأخيرة على صعيد العلاقات بين فريقيْ رئيس الجمهورية ميشال عون (التيار الوطني الحر) ورئيس الحكومة سعد الحريري (تيار المستقبل)، قبل أن ينفجر «الاشتباك الموْضعي» بين «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط.

وفيما تبدو «طريق العودة» عن خلاف «المستقبل» – الاشتراكي غير مقفَلة في ضوء الطبيعة «البلدية» للتراشق (خلفيته المداورة في رئاسة بلدية شحيم) وذلك رغم «العيار الثقيل» في «حرب التغريدات» التي استعرت يوم الجمعة، فإن معاودة تطبيع العلاقة بين «المستقبل» و«التيار الحرّ» تشي بتعقيداتٍ أكبر رغم حتمية ترميمها كخيارٍ وحيد للحفاظ على التسوية السياسية التي تحكم الواقع اللبناني منذ أكتوبر 2016.

وأبلغت مصادر سياسية إلى «الراي» أن أي إمعانٍ في تهشيم ما تبقى من «ورقة توت» التسوية وعدم وقف مسار الانزلاق نحو فوضى مؤسساتية ونحو استقطاب طائفي تحت عناوين سياسية وأخرى أمنية، من شأنه إدخال البلاد في نفق خطيرٍ، ناهيك عن أن ذلك سيشرّع الباب أمام أسئلة كبرى حول الخفايا الحقيقية لمناخ التوتير الداخلي الذي شكّل شرارتَه المعلنة كلامٌ نُسب الى رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل حول «السنية السياسية التي جاءت على جثة المارونية السياسية» واستعيد معه، من باب نفيه، عنوان «استعادة الحقوق المسيحية»، وهو ما استدعى ردوداً من «المستقبل» وبيئته السياسية انطوت على تحذير من تجاوز دستور الطائف وتوازن الصلاحيات في المواقع الدستورية، قبل أن تبرز إشارتان اعتُبرتا «تجرؤاً» على الحريري وموقعه في المعادلة وهما: ما اعتبره «المستقبل» ضغطاً على المحكمة العسكرية في ملف المقدّم سوزان الحاج، و«طعْن» الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بشرعية تمثيل رئيس الحكومة للبنان أمام القمة العربية الاستثنائية في السعودية.

واكتمل مشهد التجاذب الحاد مع تحويل الاعتداء الإرهابي في طرابلس «منصة» لما بدا أنه تصفية حساباتٍ سياسية مع «المستقبل» وقوى الأمن الداخلي ومديرها العام اللواء عماد عثمان أن تحت عنوان «طلب التحقيق لتبيان كيف أوقف الإرهابي عبدالرحمن المبسوط (2016) وكيف حُكم (لسنة ونصف السنة) وكيف خرج من السجن (2017)» وفق كلام وزير الدفاع الياس بوصعب.

وفيما يُنتظر أن يعود الحريري في الساعات المقبلة الى بيروت، يسود ترقُّب لمعرفة مرتكزات التهدئة التي تُمْليها التحديات الداخلية والخارجية، ولا سيما أن زعيم «المستقبل» يبدو، بحسب المصادر السياسية، أمام مهمةٍ شائكة، هو الحريص على التسوية كـ«بوليصةِ تأمينٍ» لحفظ الاستقرار والنهوض الاقتصادي، وفي الوقت نفسه الزعيم الذي يتلقى السهام تباعاً من داخل بيئته، التي يعبّر بعضها عن تململٍ، كما من الأبعدين ما يجعله محكوماً بخطوات محسوبة بين هذين الحدّيْن.

وإذ يتم التعاطي مع زيارة مرتقبة في الساعات المقبلة لوزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي لدار الفتوى لتوضيح بعض المواقف التي أدّت إلى توتير العلاقة مع «المستقبل» على أنها في سياق إطلاق مسار التهدئة، تعتبر المصادر نفسها أن الزيارة التي قام بها وزير الدفاع (أمس) لطرابلس وشملت بعض المعابر الحدودية الشمالية غير الشرعية مع سورية حملتْ مؤشرات تبريدية بعد ما تم التعاطي مع على أنه «مسار استفزازي واستعراضي» من بوصعب في مقاربة ما بعد الاعتداء الإرهابي وكلامه الانتقادي لرئيس الحكومة «الذي لا أنتظر أن يتصل بي»، علماً أنه أكد أمس من عاصمة الشمال ضرورة التعاون بين الأجهزة الأمنية، ومع وزيرة الداخلية ريا الحسن «من أجل نتائج أفضل في مواجهة الغدر».

وبينما كان عون يؤكد لمناسبة الذكرى الـ158 لإنشاء قوى الأمن الداخلي «عدم التهاون مع الإرهاب بكل أشكاله، وأن لا تساهُل مع أي جهة يمكن أن تجد تبريرات لأولئك الذين اعتدوا بالفعل أو بالقول على سيادة الدولة ومؤسساتها الأمنية، أو استهدفوا الأبرياء والاستقرار في البلاد»، تعتبر المصادر السياسية أن ثمة ضرورة لسحب فتائل التوتر «الجوّال» بأسرع وقت عشية أسبوعٍ سيشهد انطلاقة الجلسات المكثفة لمناقشة مشروع موازنة 2019 في البرلمان وتفادي تحوّله «كيس ملاكمة» سياسية، وأيضاً عودة الموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى بيروت حاملاً أجوبة إسرائيلية جديدة على بعض النقاط المتصلة بملف النزاع الحدودي البحري والبري مع لبنان.