IMLebanon

طهران توجّه رسالة «حسن نية» لواشنطن بإطلاق اللبناني المقيم في أميركا نزار زكا 

 

تزدحم أجندة الأسبوع الطالع في لبنان بعناوين داخلية، أمنية وسياسية واقتصادية، وأخرى ذات طابع إقليمي، ما يجعل الأيام المقبلة مفصلية لجهة تحديد مسار أكثر من ملف و«وُجهة» العلاقة بين أكثر من طرف محلي.
وفيما يبدأ البرلمان اللبناني اليوم المناقشات الماراتونية لمشروع موازنة 2019 على وهج «العصْف» السياسي «المتعدّد الجبهة» الذي شهدتْه البلاد عشية عيد الفطر وخلاله وبعده، فإن الأنظار تتجه الى 3 عناوين رئيسية يُفترض أن يتركّز عليها الاهتمام في الساعات المقبلة لرصْد مآلها، وهي:
* «خريطة الطريق» التي ستُعتمد لـ إطفاء «الحريق السياسي» الذي اندلع على خلفية أكثر من ملف، وَبلَغَ ذروته بعد العملية الإرهابية في طرابلس (الاثنين الماضي) بين فريقيْ رئيس الجمهورية ميشال عون (التيار الوطني الحر) ورئيس الحكومة سعد الحريري (تيار «المستقبل») والذي أطلّت من خلف «دخانه الكثيف» مختلف «مكوّنات» التوتر الذي يعتمل في علاقة طرفيْ التسوية السياسية نتيجة ما قالت أوساط متابعة عبر «الراي» إنه عملية «قضْم» متدرّجة تتعرّض لها هذه التسوية وتوازُناتها، وسط استشعار محاولةٍ من«التيار الحر» لاستخدامها «جسر عبور» بخطيْن: الأول «إلى الوراء»، أي إلى ما قبل جمهورية الطائف وإصلاحاتها الدستورية، والثاني إلى الأمام أي إلى استحقاقٍ رئاسي بات حاضراً في «النقطة والفاصلة» من أداءٍ صار يرتكز على «شدّ العَصَب» بعناوين «استعادة حقوق المسيحيين» والحرص على جعْل شعار «استعادة التوازن الوطني» مدخلاً لـ«تركيز»الحصة المسيحية الأكبر من التعيينات في يد فريق واحد.
وإذ يفترض أن يكون الحريري عاد الى بيروت لتنطلق حركة اتصالات لمعاودة ضبْط التباينات ورسْم قواعد «فكّ اشتباك» جديدة، يتوقَّع ان تشمل أيضاً العلاقة بين «المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» بقيادة وليد جنبلاط والتي بقيت أمس على توتّرها (بدأ على خلفية ملف المداورة في رئاسة بلدية شحيم)، لم يكن ممكناً استخلاص خلفيات واضحة لـ«الرسالة القاسية» التي وجّهها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله للرئيس الحريري على خلفية موقفه أمام القمة العربية في مكة المكرّمة والتي بلغ فيها حدّ «تعريته» من صفة تمثيل لبنان، وسط ترقُّب لسلوك الحزب حيال ملفات عدة وأبرزها الموازنة وغيرها كمؤشر لما إذا كان هجوم نصر الله مقدّمة لمسار معيّن أم تطور «موْضعي».
وإذا كانت عملية ترميم علاقة «التيار الحر» و«المستقبل» ستنطلق بزيارة يقوم بها وفد من الأول لدار الفتوى لمحاولة طيّ المناخ السلبي الذي استولده ما نُسب الى رئيس التيار الوزير جبران باسيل عن «السنية السياسية»، فإن «كتلة المستقبل» تعقد اليوم اجتماعاً استثنائياً في طرابلس تضامناً مع المدينة ومع القوى الأمنية والعسكرية بعد العملية الإرهابية التي شكّلت محور المواقف التي أدلى بها في الذكرى 158 لتأسيس القوى الداخلي كل من وزيرة الداخلية ريا الحسن والمدير العام للمؤسسة اللواء عماد عثمان، والتي لم تخلُ من ردود ضمنية على جو الاستقطاب السياسي الذي برز على تخوم الاعتداء الارهابي وتبلْوُر ملامح محاولة لاستخدامه (من «التيار الحر») لـ«تصفية الحساب» مع عثمان (مدعوم من الحريري) وشعبة المعلومات.
وفيما أكدت الحسن «أن الجريمة البشعة التي ضربت طرابلس هي من صنع فلول الإرهاب الذي نجح لبنان بمحاربته، وقوى الأمن متطرّفة في القضاء على الإرهاب الأسود»، معلنة «لقد امتزجت دماء قوى الأمن الداخلي بدماء الجيش. وما يجمعه الدم لا تفرّقه السياسة، ولا المزايدات»، أوضح اللواء عثمان «عندما قلنا إن الارهابي غير مستقر نفسياً، عنينا أن كل من يفكر بالقيام بأي عمل ارهابي هو كائن مريض عقلياً ونفسياً، ومهما حاول العابثون بسعيهم لمحاربة مؤسستكم فسنبقى فخورين بما أنجزناه، لأننا أول من أطلق شرارة مكافحة الفساد، وضميرنا مرتاح».
* العنوان الثاني عودة الموفد الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى بيروت حاملاً أجوبة إسرائيلية على نقاط ذات صلة بملف النزاع الحدودي البحري والبري مع لبنان والذي تضطلع فيه واشنطن بوساطة مكوكية، في ظلّ اعتقاد أن مهمة ساترفيلد بلغت مرحلة حاسمة لجهة تحديد إذا كانت ستثمر انطلاقة قريبة للتفاوض أم لا.
* اما العنوان الثالث فهو استعادة اللبناني نزار زكا المعتقل في إيران منذ سبتمبر بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة، علماً أن زكّا (الأمين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في واشنطن) كان أوقف بعد حضور مؤتمر دعتْه إليه السلطات الإيرانية في طهران وحُكم عليه في 2017 بالسجن 10 سنوات.
وفيما شكّلت مغادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم بيروت أمس متوجهاً الى طهران مؤشراً لاحتمال عودته مع زكا اليوم، فإن أوساطاً سياسية رسمت علامات استفهام حول توقيت الإفراج عن المواطن اللبناني في هذه المرحلة رغم المناشدات المتكررة من بيروت لإطلاقه في الأعوام الأخيرة.
وإذ استوقف هذه الأوساط وضْع طهران العفو عن زكا في سياق الاستجابة لطلب الرئيس عون (المنتَخب منذ اكتوبر 2016) و «نظراً لمواقفه الداعمة للمقاومة»، فإنها وجدت من الصعوبة التعاطي مع هذا التطور على أنه معزول عن توجيه «رسالة حسن نية» إيرانية تجاه واشنطن التي غالباً ما طالبت بإطلاق زكا (يحمل غرين كارد) مع 3 أميركيين آخرين معتقلين في طهران، وذلك في غمرة التوتر غير المسبوق بين الجانبين.
وبهذا المعنى تمّ التعاطي مع العفو عن زكا على أنه في سياق رسالة ايجابية لتخفيف التوتر مع واشنطن بعدما كانت طهران تشترط أن يكون إطلاق أي معتقلين في سياق عملية تبادُل مع واشنطن لموقوفين في الولايات المتحدة.