IMLebanon

صفقات الغاز تعزز الغطاء الدولي الداعم للبنان

كشفت وزيرة الطاقة والمياه اللبنانية ندى بستاني أن شركات دولية كبرى روسية وأوروبية تزور بيروت تباعا وتبدي اهتماما بالاستثمار في قطاعي النفط والغاز، في وقت يستعد لبنان لحفر أول بئر نهاية العام الحالي.

ويقدم لبنان على هذه المرحلة في وقت تضطلع واشنطن بوساطة بينه وبين إسرائيل لترسيم الحدود بينهما، لاسيما الحدود البحرية. وتقع 3 رقع من إجمالي 10 حددها لبنان للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة.

ويشكل الاهتمام الدولي المتزايد بالاستثمار في لبنان وخاصة في القطاع الطاقي دافعا معنويا للبنانيين لجهة أن ذلك يعني استمرار الغطاء الدولي الداعم للاستقرار في هذا البلد وأن هناك حرصا على تجنيبه أي هزات خاصة أمنية على ضوء تنامي التوتر الإيراني الأميركي.

ووقع لبنان العام الماضي للمرة الأولى عقودا مع ثلاث شركات هي “توتال” الفرنسية و“إيني” الإيطالية و“نوفاتيك” الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في رقعتين في المياه الإقليمية. وأطلق في أبريل دورة التراخيص الثانية للتنقيب في 5 رقع أخرى، على أن تنتهي مهلة تقدّم الشركات نهاية يناير المقبل.

وقالت بستاني (36 عاما)، وهي أصغر وزيرة في الحكومة، “يزورنا الكثير من الشركات الكبرى.. نتحدث هنا عن غازبروم (روسية) ولوك أويل (روسية)”، وأشارت إلى لقاء مع ممثلين عن شركة “بي. بي” البريطانية حصل الخميس. وإلى جانب “اهتمام توتال وإيني ونوفاتاك”، قالت بستاني إن الشركات الروسية تحديدا “مهتمة للغاية”.

من جهة أخرى، ذكرت أنها تبلّغت من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد الذي التقته الأربعاء، أن “لا مانع من أن تشارك شركات أميركية” في مشاريع الاستثمار هذه، معتبرة ذلك “خطوة إيجابية”.

ولا يجذب لبنان استثمارات أميركية كبرى، ولكن على ما يبدو عدّلت واشنطن موقفها حيال المسألة وهو ما يفسر تسارع جهودها في إيجاد تسوية للنزاع الحدودي الإسرائيلي اللبناني، وسط تحقيق تقدم ترجم في الاتفاق على عقد مفاوضات غير مباشرة برعاية أممية.

ويجري ساترفيلد زيارات مكوكية إلى بيروت آخرها هذا الأسبوع لتذليل النقاط الخلافية قبل انطلاق المفاوضات التي يرجح أن تبدأ قريبا ما لم يحصل طارئ.

وأعلنت إسرائيل الشهر الماضي موافقتها على بدء المحادثات حول هذه الحدود بوساطة أميركية ورعاية أممية، لكنها تضع شروطا من بينها تحديد سقف زمني مدته ستة أشهر لهذه المفاوضات، فضلا عن فصل النزاع البري عن البحري. وذكرت مصادر مطلعة مؤخرا أن تل أبيب تراجعت عن موقفها بشأن الطلب الأول.

ولبنان وإسرائيل في حال حرب ولا ترسيم للحدود البرية أو البحرية بينهما. وحددت الأمم المتحدة ما يُعرف بالخط الأزرق ليحل مكان الحدود البرية التي تضم نقاطا عدة يتنازع عليها الطرفان.

عدم ترسيم الحدود اللبنانية مع سوريا معضلة رئيسية. وتقع رقعتان في المياه اللبنانية مقابل رقعتين سوريتين
وقالت بستاني “في حال اتفقنا على بدء محادثات أو مفاوضات مع إسرائيل، فسيصار بالإضافة إلى مفاوضات الحدود البحرية، إلى بحث آلية لتقاسم الحقول البحرية المشتركة برعاية دولية”.

ومن المقرر بدء عمليات الحفر في الرقعة رقم 9 التي تضم جزءا متنازعا عليه مع إسرائيل، في مايو المقبل.

وقالت شركة “توتال” الفرنسية العام الماضي إنها ستنقّب بعيدا عن هذا الجزء. وبينما يستعد لبنان لحفر أول بئر شمال بيروت في ديسمبر، تتسارع عمليات الاستكشاف والتنقيب في دول الجوار ومياه المتوسط، وهو ما يثير توترا على جبهات عدة.

واتفقت سبع دول متوسطية، بينها قبرص ومصر وإسرائيل، مطلع العام على إنشاء “منتدى شرق المتوسط للغاز” ومقره القاهرة، بهدف إنشاء سوق غاز إقليمية. ولم يشارك لبنان في المنتدى لوجود إسرائيل فيه، لكنه بدأ مؤخرا مفاوضات لإبرام اتفاقات ثنائية.

وقالت بستاني “فتحنا المجال للتفاوض مع قبرص ونقوم بالأمر ذاته مع مصر”، مضيفة “أينما يتواجد الإسرائيليون لا يمكن أن نكون، لكن من الضروري متابعة الاتفاقات مع الطرفين ولا شيء يمنع إبرام اتفاق ثلاثي” مع مصر وقبرص تمهيدا لتحالف مستقبلي.

وأعلن لبنان في أبريل الاتفاق مع قبرص التي تسعى بدورها لتكون لاعبا إقليميا على صعيد موارد الطاقة، على تسريع إبرام اتفاقيات ثنائية.

وترى الخبيرة في مجال حوكمة النفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان أن الاتفاق مع قبرص ومصر قد يكون واحدا “من الخيارات المتاحة أمام لبنان لحجز مكان له على خارطة التحالفات النفطية في المنطقة”.

على خطّ آخر، يشكّل عدم ترسيم الحدود اللبنانية مع سوريا معضلة رئيسية. وتقع رقعتان في المياه اللبنانية (رقم 1 و2)، مشمولتين بدورة التراخيص الثانية، مقابل رقعتين سوريتين.

وتشهد الحكومة اللبنانية انقساما إزاء الموقف من سوريا. وقالت بستاني الممثلة لتيار الوطني الحر في الحكومة “ثمة مجال بالتأكيد (للتفاوض) مع سوريا، ويتطلب الأمر البحث فيه قريبا”. وتابعت “عندما وافقت الحكومة على فتح البلوكين 1 و2، وهما على الحدود، فهذا يعني أنها تعرف (مسبقا) أنّ ثمة اتفاقا ما سيحدث” مع سوريا.

وماطلت سوريا مرارا في ترسيم الحدود مع لبنان. وأفادت هايتيان باحتمال أن تكون روسيا، أبرز حلفاء دمشق، مهتمة بإجراء استكشافات تحديدا في الرقعة رقم 2. وبالتالي سيكون الحل لمعضلة الحدود أن “يفاوض الروس بين اللبنانيين والسوريين ويضعوا خطة لتقاسم الموارد والإنتاج”.

ويعلّق اللبنانيون آمالا على عمليات التنقيب لإنعاش الاقتصاد المتداعي. وقالت بستاني “أملنا كبير بهذا القطاع”.

وجلب الاستثمارات مرهون بتوفير بيئة مستقرة، وقد يكون هنالك حرص لبناني دولي مشترك لتحقيق الهدف بيد أنه لا يمكن تجاهل واقع أن البلد محكوم بمعادلة الوجود الميليشياوي الممثل في حزب الله. ويقول محللون إن الحزب مرتبط ارتباطا كليا بإيران وأي مواجهة مستقبلية بين واشنطن وطهران سيكون منخرط فيها وبقوة وبالتالي فإن عدم التوصل إلى حل بشأن الحزب من خلال لبننته وسحب أسلحته فإنه لا يمكن الحديث عن استقرار دائم وبالتالي الذهاب كثيرا في التفاؤل بشأن الاستثمارات.