IMLebanon

وفد سعودي في بيروت اليوم لتأكيد احتضان لبنان 

 

تخرق حركةٌ خارجيةٌ، عربية – دولية، في اتجاه بيروت الأجندةَ اللبنانيةَ المشدودة إلى محاولاتِ إطفاء التوتراتِ السياسية المُتَناسِلة تحت سقف «التسويةِ الصامدةِ» وعلى تخوم ملفات تتعدّد عناوينها ولكن محورها الرئيسي يبقى واحداً وهو صراعٌ لم يعُد مكتوماً حول إدارة الحُكْم وتَوازُناتِه والصلاحيات في ضوء مضيّ رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) وزير الخارجية جبران باسيل في إطلاق «معارك» على أكثر من «جبهة» في محاولةٍ لفرْض وقائع جديدة على مستوى السلطة والربْط مع استحقاقاتٍ دستوريةٍ مقبلة، ناهيك عن إعطاء «حزب الله» إشاراتٍ تعكس «تَفوُّقَهُ» الداخلي وإمساكَه بـ«الإمْرة الاستراتيجية».
وفي هذا الإطار تتجه الأنظار إلى 3 محطات:
• الأولى الزيارة التي يبدأها مساء اليوم لبيروت وفدٌ من مجلس الشورى السعودي، واعتُبرت الأولى لوفد سعودي على هذا المستوى، وستتخلّلها لقاءاتٌ ابتداءً من الأربعاء مع الرئيس عون ورئيسيْ البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري إضافة الى اجتماع لجنة الصداقة اللبنانية مع السعودية برئاسة رئيسها الرئيس تمام سلام (بحضور أعضاء الوفدين في مجلس النواب).
وفيما تشتمل الأجندة المعلنة للوفد السعودي على لقاء يوم الخميس مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، لاحظت أوساطٌ سياسية عبر «الراي» أن هذه الحركة السعودية تؤشر الى استمرار احتضان الرياض للبنان وتمييزها بين لبنان الرسمي و«حزب الله» الذي يواصل حملته الشعواء على المملكة في غمرة اشتداد المواجهة مع إيران واعتداءاتها على أمن الخليج وملاحته.
• والثانية المباحثات التي سيجريها الوفد الروسي برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى سورية الكسندر لافرنتييف في بيروت التي يصل إليها اليوم وتتركّز على الواقع السوري والمبادرة الروسيّة لإعادة النازحين والتي كانت تَفَرْمَلَت في ضوء تَعَثُّر الحل السياسي وارتباط إعادة الإعمار به، وهي المبادرة التي يوليها لبنان أهمية لمعالجة ملف النزوح الذي تحوّل عنوان استقطاب داخلي. علماً أن تقارير صحافية لم تستبعد أن يحمل لافرنتييف معه أيضاً دعوة لبيروت للمشاركة في جولة مفاوضات «استانا» 13 التي تُعقد في يوليو المقبل.
• أما المحطةُ الثالثةُ فتجلّتْ في حضورِ الديبلوماسي الأميركي ديفيد ساترفيلد في بيروت رغم غيابه وإرجاء زيارته التي كانت مقرَّرة أمس لحمْل أجوبة حاسمة حول التحضيرات لمفاوضاتِ بتّ النزاع الحدودي البري والبحري بين لبنان واسرائيل.
وفيما رفضتْ بعض الدوائر اعتبارَ تأجيل ساترفيلد العودةَ إلى لبنان مؤشراً سلبياً حيال البنود التي ما زالت مدار أخْذٍ وردٍّ ولا سيما المهلة الزمنية المفتوحة للتفاوض والتزامن بين مساريْ البرّ والبحر (وفق ما يصرّ عليه لبنان)، فإن مصادر متابعة ارتابتْ من تَعَمُّد الإعلام الاسرائيلي الإيحاء بأن ايجابياتٍ كبيرة طرأتْ على ملف الترسيم انطلاقاً من الفصل بين الحدود البرية والبحرية في حين تردّد أن تل ابيب ما زالت ترفض رعاية الأمم المتحدة للتفاوض وتصرّ على مفاوضات مباشرة بوساطةِ واشنطن، وهو ما لا يقبل به لبنان. ناهيك عن علامة استفهام كبرى ما زالت مطروحة حول إذا كانت اسرائيل تراجعتْ عن ربْط مسار التفاوض بما تقول إنه مصانع للصواريخ الدقيقة يملكها «حزب الله» في لبنان، وهو ما كشفه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة.
ولم تحجب هذه الحركة الديبلوماسية الحِراكَ الذي سُجِّل في سياق العمل على تنقية ما أمكن من الأجواء قبل معاودة مجلس الوزراء جلساته اليوم برئاسة الحريري بعد أكثر من 3 أسابيع من الانقطاع بفعل عطلة عيد الفطر ثم «العصْف» السياسي الذي أصاب علاقة فريقيْ الرئيسين عون والحريري قبل احتوائه على قاعدة رسْم رئيس الحكومة معادلة التمسك بالتسوية لأن بديلها هو المجهول من جهة وإعلانه في الوقت نفسه «هيك مش ماشي الحال» في ما خصّ سلوك الوزير باسيل الذي حلّ «غَضَباً» على الشارع السني كما أداء «حزب الله» الذي طَعَنَ بتمثيل رئيس الحكومة للبنان أمام القمة العربية الأخيرة في مكة المكرمة.
وكان لافتاً أمس، وغداة الانتكاسة السريعة للتهدئة بين «التيار الحر» و«تيار المستقبل» (يقوده الحريري) بعد اندفاعة باسيل على خط ملف النازحين وقفْزه فوق صلاحيات وزارة الداخلية والبلديات، حصول تطورين عكسا رغبة في لملمة ذيول هذه الانتكاسة وتكريس وضْع النقاط على حروف مجمل المآخذ التي فجّرت التوترات الأخيرة وذلك لاستنئاف عمل الحكومة بأقلّ تشنجات ممكنة.
• الاول استقبال رئيس الحكومة الوزير باسيل في لقاء هو الأول منذ اندلاع الأزمة الأخيرة قبل أسابيع. وفيما لفت في الشكل استكمال لقاء الـface to face الذي بدأ في السرايا الحكومية على مأدبة غداء في «بيت الوسط» (دارة الحريري)، برز حرص أوساط رئيس الوزراء اللبناني على وضع هذا الاجتماع في إطار استكمال ما تم التفاهم عليه بين عون والحريري قبل أيام، مؤكدة أن «الرئيس الحريري سيتكّلم بلا قفازات وانطلاقاً مما أعلنه في مؤتمره الصحافي الأخير وسيؤكد أهمية تفادي التصريحات المستفزة والالتزام بروحية التضامن كي لا تتحوّل الحكومة إلى (حارة كل مين إيدو إلو)».
• والثاني زيارة وزير الدفاع الياس بو صعب (من فريق رئيس الجمهورية) لوزير الداخلية ريا الحسن (من فريق الحريري) «للبحث في التطورات والتنسيق المشترك بين الوزارتين على المستويات كافة».
واعتُبر هذا اللقاء في السياق التهْدوي عيْنه ولا سيما بعدما كان بو صعب أدلى بمواقف بعيد الاعتداء الارهابي في طرابلس أثارت استياء كبيراً إذ صوّب فيها على رئيس الحكومة كما مؤسسة قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات فيها.