IMLebanon

هكذا تلعب روسيا ورقة إيران في التسوية السورية!

لا تعكس المواقف الروسية والإيرانية المعلنة إزاء طبيعة العلاقة بين الدولتين ومقاربتهما لكيفية الحل في سوريا حقيقة الأمر الواقع. صحيح أن المصالح الاقتصادية التي تجمعهما كبيرة لكنها لا تعلو فوق المصلحة الروسية السياسية المتمثلة في تثبيت موطئ قدم في المنطقة وتوسيع نفوذ لا يمكن أن تؤمنهما إلا التسوية السياسية الجاري نسجها بالتنسيق مع الأميركيين، بعيدا من كل التوتر الذي يملأ فضاء العلاقات بين الدولتين.

التسوية المفترض أن تؤمن للروس حصة “لا بأس بها” من قالب الجبنة السوري وهي لا تتأمن إلا باستمرار التعاون مع واشنطن وتل أبيب وعواصم الخليج العربي لا تتوافق في أي شكل مع الأهداف التي ترسمها طهران وفي مقدمها إنهاء الزمة السورية بالحسم العسكري وبقاء النظام برئاسة الرئيس بشار الأسد.

يُدرك الروس جيدا هذه المعادلة ويتصرفون بهدي مصالحهم، كما تقول أوساط دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، لاسيما مع إسرائيل والمملكة العربية السعودية، تماما كما يدركها الإيراني ويحاول سحب موسكو منها بقدر الإمكان على رغم اقتناعه بأن ما يتطلع إليه أضغاث أحلام لا يمكن أن تبصر النور. أمام هذا الواقع، يقف النظام السوري حائرا ويعمل وفق قاعدة إبقاء “رِجل بالبور ورِجل بالفلاحة” للانتقال إلى المقلب الأكثر فائدة له حينما يتظهر رجحان كفة الميزان في التسوية المنشودة.

وتعتبر الأوساط أن “روسيا رسمت استراتيجية تهدف من خلالها إلى الإبقاء على علاقاتها مع الأطراف كافة وعدم قطع شعرة معاوية مع أي منها بما يؤمن النسبة الأعلى من مصالحها، توضح أن شراكة موسكو وطهران في الحرب السورية ووقوفهما في المقلب المناصر للنظام لا يعني التكامل في الرؤية، ذلك أن أكثر من مواجهة ميدانية وقعت بين الطرفين عن طريق الفرقتين الخامسة والرابعة في الجيش السوري المعروفة ولاءاتهما الأولى لروسيا والثانية لإيران، إلا أن هذه المواجهات تبقى مضبوطة ومحدودة ويمكن التعايش معها، فالكرملين يرى فائدة كبرى في استمرار الإمساك بالورقة الإيرانية من أجل المقايضة بها في التسوية السورية وليس في وارد التنازل عنها مجانا راهنا.

وتعرب الأوساط عن “اعتقادها بأن الرئيس “القيصر” حينما تدق ساعة الحسم الروسي سيشهر ورقة إخراج طهران من الساحة السورية مقابل ثمن غال سيفرضه، سيدفعه على الأرجح الجانب العربي بمباركة أميركية، فالتسوية السورية لا يمكن أن تبلغ نهايتها إلا برعاية أميركية دولية وتمويل عربي لإعادة الإعمار وعودة النازحين. وليس انكفاء روسيا راهنا عن استكمال مبادرتها الشهيرة لإعادة النازحين سوى إحدى الأوراق التي تسعى لقبض ثمنها نفوذا وتوسعا في بنود التسوية السياسية”.

ولا تغفل الأوساط الإشارة إلى أن “روسيا التي تعدّ العدة لمرحلة ما بعد التسوية، بدأت بوضع اللبنات الأساسية في المؤسسة العسكرية السورية من خلال تفكيك بنيتها المرتكزة في شكل أساسي إلى توزيع طائفي يعطي الغلبة للعلويين وإعادة بناء جيش تصفه الأوساط بالوطني من خلال خلطة سورية جديدة تضم مختلف المكونات، من هنا يمكن فهم استهداف الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد في حماة بغية إضعافها، ودعم الفرقة الخامسة برا وبحرا، على أن تنطلق العملية السياسية من نقطة إعادة تكوين الجيش ثم تشكيل حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات، وحينما تقبض موسكو الثمن الذي تطرحه تغادر إيران الميدان السوري مع كل أذرعها العسكرية.

وإذا ما تمت الصفقة الدولية برضى روسي، تختم الأوساط، فإن كل الباقي يصبح تفصيلا ما دامت مصالح الكبار تأمنت عبر توزيع الحصص وتقاسم النفوذ.