IMLebanon

عن لبنان الطائفي… (بقلم بسام أبو زيد )

يحق لأي مواطن لبناني راشد أن يحتسي الكحول في أي منطقة لبنانية ويحق له أن يستأجر وأن يتملك منزلا في أي منطقة لبنانية، ويحق لأي لبناني يملك متجراً أن يبيع أو لا يبيع الكحول في متجره، كما يحق لأي مواطن أن يؤجر وأن يبيع شقة لمن يرغب أو أن يرفض في حال رغب أيضاً.

هذه هي حال الحرية الشخصية التي يجب أن تسود في لبنان، ولا يحق لأحد أن يفرض بالقوة وخلافاً للقانون أنماطاً للعيش تزيد من عمق الشرخ بين المواطنين اللبنانيين على خلفية طائفية ومذهبية، حتى أن استخدام القانون في بعض الأحيان يؤدي إلى هذا الشرخ المستمر منذ ما عرف بولادة دولة لبنان الكبير.

ليس لبنان دولة علمانية، بل هو دولة طائفية ومذهبية بامتياز، تحاول فيها كل طائفة أن تسيطر على الطوائف الأخرى وأن تمسك بزمام البلد، ما يخلق حال خوف واستنفار لدى بقية الطوائف والمذاهب في ظل دولة عاجزة عن مواجهة هذا الخوف وإرساء ما يعرف بالوطنية والمواطنية.

في لبنان ومهما اجتمع اللبنانيون على قضايا ومشاكل إلا أن تفرقتهم تبقى أمر سهلا جداً يعتمد على إثارة النعرات المذهبية والطائفية، فيتفرقون بسرعة ويعودون للتمترس خلف طوائفهم ومذاهبهم متناسين أزماتهم التي يعانون منها مهما كانت طوائفهم.

في لبنان لم نخرج يوماً ولا للحظة من المسار المذهبي والطائفي، فالصيغة التي نتغنى بها ولبنان الذي نتغنى به كان منذ الأساس مرفوضاً من فئة من اللبنانيين على خلفية طائفية، وهذا اللبنان كان بالنسبة لآخرين ملاذاً للإحتماء من أكثرية دينية في المنطقة تريد فرض أصول دينها.

هذا الواقع هو الذي أدى إلى كل الخلافات اللبنانية وما زال ولم تنفع لا حرب ولا طائف ولا تسويات في حل هذه المعضلة، لا بل هي مستمرة ومتصاعدة وكل كلام عن وحدة وطنية هو كلام في فراغ. فالطائفية والمذهبية هي التي تقود عقول الحكام والمسؤولين والأحزاب والتيارات، وهذا هو الواقع الحقيقي الذي لا تنفع معه كل محاولات التجميل.

من هذه الحقيقة يجب أن ننطلق نحو المستقبل، ولن نستطيع تغيير الواقع المذهبي والطائفي في لبنان. عملية التغيير مستحيلة والكل يدرك هذا الواقع وعلينا العمل على إيجاد صيغة جديدة لما يعرف بالتعايش في لبنان لأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيقودنا إلى أمرين: إما حرب جديدة، وإما تغيير كامل لهوية لبنان.