IMLebanon

أطفالنا… ونشاطات فصل الصيف

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

حلّ الصيف بحرارته العالية، وطقسه الحار… أغلقت المدارس أبوابها، وحان وقت المرح والتسلية والنشاطات… طبعاً يتعب الوالدان بحثاً عن تخصيص وقت لأطفالهم للاستمتاع معاً بهذه العطلة الطويلة. فأولادهم في إجازة ينتظرونها من صيفية لصيفية. ولكن للأسف أحياناً، بسبب سوء تنظيم الوقت، تشكل هذه «الإستراحة الطويلة» نقمة على الأهل.

تنظيم نشاطات أطفالنا والمشاريع الأسبوعية التي يمكن أن يمارسها الطفل أو المراهق داخل أو خارج منزله، تخفف كثيراً من الإحتقانات والمشكلات التي يمكن أن تصيب الجسم العائلي. فما هي النشاطات الأكثر جاذبية لأطفالنا؟ وكيف يمكن وضع جدول للمشاريع لأولادنا؟ وهل يجب وضع برنامج دراسي لهم خلال الإجازة؟

مَن منّا لا يحب العطلة الصيفية؟! ففي هذه الفترة من السنة، يرتاح الأطفال من الدراسة، ويتوجه الجميع نحو الشواطئ الرملية الدافئة للتنعم بحرارة الشمس ومياه البحر… كما يأخذ الكثير من الأهالي إجازاتهم السنوية للإسترخاء والمرح مع أفراد عائلتهم والأصدقاء والأهل. هذا لا يعني بأنّ العائلات لاتواجه مشكلات عدة خلال الصيف لا سيما إذا لم يخصّص الأهل وقتاً لأطفالهم.

وقت «ذهبي» لطفلكم 
جميع الأطفال، من دون إستثناء، يحبون كثيراً تمضية الوقت مع الوالدين. وهذه الرغبة تتأرجح بين الأم أو الأب، بحسب علاقة الطفل مع كل منهما. ولكن عموماً، يحب الطفل (أو الطفلة) اللعب مع الأب ومساعدة الأم. وعلى الأهل الأخذ في الاعتبار متطلبات طفلهم العاطفية، وهو لا يكتفي فقط بتقديم الاهتمامات الثانوية له من مأكل ومشرب وملبس، ولكن يتوق كل طفل الى العاطفة والحنان والرعاية من والديه. ولا يمكن الحصول على ذلك، إلّا من خلال تخصيص وقت له… فقط له. وهذا الوقت، نسمّيه «الوقت الذهبي»، حيث لا يقدَّر بثمن ولا يضاهى بأيّ وقت آخر. كما يجب أن يستغل الوالدان عطلة الصيف، للإستمتاع مع أطفالهم وإكتشاف توجهاتهم، وتشجيعهم على التصرف اللبق والجيد… فلا يتعلم الطفل إلا من خلال الأوقات التي يتشاطرها مع أهله.

نشاطات أطفالنا خلال الصيف 
تختلف نشاطات أطفالنا خلال الصيف باختلاف أعمارهم. فطبعاً، لا يمكن لطفل أن يمارس نشاطاً معيّناً غير ملائم لعمره العقلي. فالأطفال ما دون العشر سنوات، أهلهم مسؤولون عن نشاطاتهم، وهم من عليهم أن يبتكروا نشاطات تجذبهم. وترتكز نشاطات الأطفال عادة، حتى وإن تجاوزوا العشر سنوات، على اللعب. وللعب أهمية كبيرة، فهو يساعد على تنمية الحواس والانتباه، كما يقوي الطاقات ويظهر المواهب الكامنة، وله أهمية نفسية كبرى، فهو يقرّب الأهل من أطفالهم ويزيد التواصل بينهم. ويمكن للأهل أن يوجّهوا أطفالهم إلى مراكز تنظم نشاطات صيفية مناسبة لأعمارهم وقدراتهم. الطفل يتلقن عبر هذا النوع من النشاطات كيفية المشاركة ومساعدة الآخر ومساندته وقت الضيق. هذا لا يعني أن تلعب تلك المراكز دور الأم والأب في تنظيم وتحديد النشاطات. ففي البيت، وللاطفال الذين تجاوزوا العشر سنوات، وخصوصاً لمن هم في عمر المراهقة، يجب أن يخصص الأب والأم وقتاً لطفلهم للمحادثة عن مواضيع تهمه ويستمتع بالتكلم عنها. وفي هذا العمر، يبدأ حب الطفل للمطالعة، ودورهما هو تشجيع هذا النشاط وشراء القصص المناسبة لعمره والمجلات العلمية المفيدة.

تنقسم النشاطات إلى داخلية وخارجية. الداخلية هي التي يقوم بها الطفل في البيت منها: الدرس والتلوين ومشاهدة التللفاز لوقت محدَّد وقراءة القصص له…
ولا يجب أن يحرم الوالدان أطفالهما من النشاطات الخارجية. فمن مسؤوليتهما تنظيم نشاطات في الهواء الطلق، ومنها:

– السباحة والتنزه في الطبيعة (الغابات…)، حيث من المستحسن أن يكون مع كلا الوالدين.

– زيارة الحدائق العامة والمكتبات العامة، والمتاحف والحفلات الموسيقية خصوصاً لأطفالنا المراهقين. هذا النشاط يجب أن يكون مع أحد الوالدين. فخلال الإجازة الصيفية، تكثر المشاريع الثقافية والفنية، وتنظم الكثير من المراكز دورات في مختلف الفنون. لذا يمكنكم مشاركة أحد الفنون التي تحبون تعلّمها كالرقص، الرسم، تعلم لغة، حتى تعلم تقنية التصوير مع أطفالكم… والاستماع إلى الشرح والاستمتاع في التطبيق. هكذا في كل إجازة يمكنكم إستثمار جهودكم بالتركيز على فن معين تحبونه، وبالتالي تعلمه وتطبيقه. وخلال هذه الدورات، يمكنكم التعرف الى أشخاص جدد تتشاطرون الاهتمامات الفنية.

– السينما، والنشاطات العالمية، كتعلم السباحة مع كل أفراد العائلة… ويمكن مزاولة الرياضة مع الشريك وتمضية بعض الوقت معه، وهذا يكون نشاطاً مخصّصاً فقط للوالدين.

ونذكر أيضاً النشاطات الإجتماعية ومنها الزيارات العائلية وطبعاً السفر أو قضاء نهاية الأسبوع في الجبل… كما يمكن السفر مع الشريك لإكتشاف بلدان وعادات وتقاليد مختلفة. فالسفر يساعد على كسر الروتين الذي يمكن أن يشعر به الزوجان بعد مرور سنين عدة على الزواج.

أما بالنسبة للتلفاز، فيجب تحديد الساعات التي يمكن أن يشاهد فيها الطفل البرامج التلفزيونية. ويشمل دور الأهل مراقبة نوعية البرامج التي يشاهدها صغيرهم ويخزّنها في رأسه. وينطبق أيضاً ذلك على إستخدام الحاسوب (الكومبيوتر) والإنترنت والألعاب الإلكترونية. وأخيراً يجب تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة يومياً مع الاب والأم، فهما قدوة لأطفالهما.

الفروض المدرسية والعطلة الصيفية
بعد سنة كاملة من الدرس والسهر وارتياد المدرسة، حان وقت الإستراحة والرحلات والزيارات. ولكن كل ذلك لا يعني أن يهمل الأهل الفروض الصيفية وعدم تذكّرها إلّا في نهاية العطلة. فبعد مرور أسابيع (4-5)، يجب أن يخصص الأهل يومياً، وقتاً للدراسة. ولا يعني ذلك، اكثر من ساعة إلى ساعتين يومياً.

كما لا يجب أن ينسى الاهل القصص التي يجب أن ترافق أطفالهم خلال الإجازة.