IMLebanon

«الإستراتيجي» يتحكّم بلبنان… عن بُعد 

 

على طريقة السفينة المُثْقَلَة بـ«حمولةٍ زائدة» والتي تُبْحِرُ وسط العواصف، «يُلاطِم» لبنان الأمواجَ العاتيةَ في المنطقة التي تَتَشابَك فيها الملفاتُ اللاهبةُ التي تقف «بلاد الأرز» على تماسٍ مباشر معها.
ورغم «إطفاء الأنوار» في الداخل اللبناني على التطورات المتسارعة في الإقليم، فإن وهْجَها يبقى الأكثر حضوراً في «خلْفية الصورة» التي تتصدّرها عناوين محلّية وكأنّها «بدَل عن ضائع» باستثناء الواقع المالي.
وإذ بقيتْ «العدساتُ الداخليةُ» مشدودةً إلى قضايا مثل موازنة 2019 وتَقاسُم كعكعةِ التعيينات و«داحس والغبراء» بين القوى السياسية، فإن «الاستراتيجي» كان مُصوّباً على الجبهة «المثلثة الضلع» التي يشكّلها كلّ من:
* مجرياتُ المواجهةِ الأميركية – الإيرانية المفتوحة الاحتمالات، والتي حملتْ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى السعودية والإمارات على وقع الموقف النوعي للرئيس دونالد ترامب الرافض أن تكون بلاده «حارس مضيق هرمز»، في ما بدا من ضمن محاولةٍ لجعْل الدول الأخرى – «المصابَة» من جعْل إيران المضيق في مرمى النار – «جزءاً من المشكلة وجزءاً من الحلّ» على قاعدة «لا نووي ولا دعْم للإرهاب».
* «القمةُ الأمنية» الأميركية – الروسية – الاسرائيلية في تل أبيب وعلى أجندتها الملفُ السوري والحضورُ الإيراني في سورية كأحد أبرز التحدّيات، وهي المحطةُ التي لن يغيبَ عنها وقوفُ واشنطن وطهران وجهاً لوجه في الخليج ولا التحضيراتُ للقاء الرئيسين ترامب وفلاديمير بوتين على هامش «قمة العشرين» نهاية الأسبوع، وسط رصْدٍ دقيق لما قد تنتهي إليه أو تمهّد له اجتماعاتُ الثلاثي الأمني من تفاهماتٍ تحت الطاولة وفوْقها.
* «ورشة البحرين» الاقتصادية اليوم وغداً والتي تُعتبر أول الغيث في مساعي إبرام «صفقة القرن» انطلاقاً من المقترحات التي كشفها صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر حول استثمارات بقيمة 50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية والدول المجاورة مثل مصر والأردن ولبنان.
وفيما تتداخَلُ هذه الملفات فوق صفيح المنطقة الساخن، تبدو بيروت القلِقة وكأنّها «تدفن رأسها في الرمال» وسط «حال إنكارٍ» للمخاطر الكامنة في كلّ من «الجبهات الثلاث» في المنطقة والتي يُخشى أن تصيبَ مفاعيلُها لبنان.
وإذا كان جرّ لبنان، عبر «حزب الله»، إلى «فوهة المدفع» يرتبط بانفجار «الحرب الشاملة»، فإنّ ثمة خشيةً مُتَعاظِمَةً من تداعياتِ وضْع «صفقة القرن» على السكة على الواقع الداخلي انطلاقاً من هاجس توطين اللاجئين الفلسطينيين أو تحويل هذا العنوان منصة جديدة للإمعان في أخْذ البلاد نحو محور «الممانعة».
وكان لافتاً في غمرة هذا المناخ العاصِف، الزيارة التي بدأتْها لبيروت «مجموعة العمل المكلفة من الكونغرس الأميركي دراسة الوضع في سورية» برئاسة السفير فريديريك هوف على ان ترفع في نهاية اجتماعاتها تقريراً حول الأفكار والمواقف والاقتراحات لحل الأزمة السورية وتداعياتها.
وقد أبلغ الرئيس ميشال عون الى الوفد أن «عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان لا يمكن أن تنتظر تحقيق الحل السياسي للأزمة السورية (…) وعلى الأمم المتحدة ان تقدم مساعداتها للنازحين داخل الأراضي السورية وليس خارجها»، ومشدداً على «التزام لبنان تنفيذ القرار 1701».
ولم تحجب هذه الزيارة الأنظار عن مؤتمر المنامة الذي لن يشارك فيه لبنان، وسط استمرار الصمت الرسمي حياله باستثناء ما نُقل عن مصادر قريبة من عون من أن موقفه مما يتردد عن صفقة ‏القرن «ثابت وهو أبلغه الى الوفود الديبلوماسية، والقائم على موقف لبنان لجهة تأييد مبادرة السلام العربية التي اقرت ‏في قمة بيروت العام 2002 وكذلك رفض التوطين ولا تراجع عن هذا الموقف مطلقاً»‎.‎
ووفي ظلّ تَوالي مواقف من مختلف القوى السياسية الرافضة أي مساراتٍ تفضي الى توطين الفلسطينيين، برز أمس رفْع صوتٍ جماعي عبّرت عنه «مجموعتا العمل اللبنانية والفلسطينية»، وذلك بعد اجتماع مشترك في مقر اللجنة في السرايا الحكومية.
وإذ تدارس المجتمعون «ما يجري تداوله عما يسمى صفقة القرن»، اعتبروا «أن مقدّماتها العملية هي مشروع تصفية كاملة للقضية الفلسطينية».
وعلى وقع هذا الصخَب «الاستراتيجي»، تأتي زيارة بعثة صندوق النقد الدولي لبيروت بهدف إنجاز تقرير حول وضع لبنان النقدي والمالي قبل منتصف يوليو، كما كشف وزير المال علي حسن خليل.