IMLebanon

إسطنبول تحتفل بانتصار الديمقراطية

كتبت دلفين مينوي في صحيفة “الجمهورية”:

يمثّل انتخاب إكرم إمام أوغلو عمدة للعاصمة التركية نكسة تاريخية لرجب طيب أردوغان.

كانت ليلة طويلة، ولكن سعيدة. عيون حمراء مع التعب، أليف تظهر ابتسامة منتصرة، وتقول الشابة الاسطنبولية: «لقد أنقذنا الديمقراطية التركية»، موزّعة العناق على أصدقائها. الساعة 7 صباح الاثنين، في انطلاق القوارب التي تبحر إلى الضفة الآسيوية، وتناول القهوة المعتادة مع الأصدقاء في وقت مبكر من الأسبوع فجأة تحولت الاجواء احتفالية. «كل شيء سيكون على ما يرام! تضيف الشابة، وهي موظفة بنك، مردّدة صيحة حاشدة لإكريم إيموغلو، عمدة اسطنبول الجديد، الذي تم انتخابه يوم الأحد 23 حزيران ضد منافسه من «حزب العدالة والتنمية» بأكثر من 54 في المئة من الأصوات.

لهذا النصر رمزية مضاعفة. فمن خلال الفوز في هذه الانتخابات التي جرت للمرة الثانية تحت ضغط من حزب أردوغان، وتحت ذرائع ارتكاب مخالفات، لم يستعد إمام أوغلو مقعد رئيس البلدية المنتخب في 31 آذار وحسب وإنما يسبب أيضاً نكبة خطيرة لحزب العدالة والتنمية، الذي يفقد للمرة الأولى منذ إنشائه السيطرة على هذه المدينة الضخمة الاستراتيجية التي يتجاوز عدد سكانها 15 مليون نسمة.

وقال خبير السياسة التركي إلهان أوزجيل: «هذه الانتخابات تمثّل نقطة تحول في تاريخ تركيا السياسي المعاصر». إنّ هزيمة مرشّحه، بينالي يلدريم، هي خيبة أمل كبيرة لرجب طيب أردوغان الذي جعل إسطنبول محفظته منذ أن بنى مهنته السياسية هناك عندما انتخب عمدة في عام 1994. وهي أيضاً نكسة لحزبه الإسلامي المحافظ، الفائز في جميع الانتخابات منذ عام 2002. والأكثر إهانة: لم تؤدِ إعادة الانتخاب إلا إلى زيادة شعبية إمام أوغلو، الذي سبق منافسه بـ 800000 صوت وبعض الأحياء التقليدية، مثل Eyüp أو üsküdar – الذين صوّتوا لحزب العدالة والتنمية في آذار الماضي. ويقول أستاذ العلوم السياسية: «هذه بداية النهاية لأردوغان وحزبه».

هناك اتفاق عام على أنّ الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد – وعدم قدرة حزب العدالة والتنمية على التوصّل إلى حلول حقيقية – لم تساعد يلدريم. لكنها «عقوبة تصويت» على وجه الخصوص تم التعبير عنها، يوم الأحد، في صناديق الاقتراع: ضد الخطب التي تعتبر شديدة الانتقاد لحزب العدالة والتنمية؛ ضد تشويه المعارضة، متّهمين باستمرار بـ»دعم الإرهاب»؛ ضد إلغاء وإعادة تنظيم التصويت الذي يعتبر غير ضروري وغير عادل – بما في ذلك من قبل العديد من أنصار حزب العدالة والتنمية. و»من خلال الدفع لإلغاء الانتخابات الأولى في 31 آذار، فإنّ حزب العدالة والتنمية قد مهّد لهزيمته. لقد كان خطأ تكتيكياً اتّضَح أنه قاتل بالنسبة لهذا الحزب الذي لا يوجد لديه أي حركة سياسية، بل مجموعة صغيرة متعطّشة للسلطة».

كانت الهزيمة شديدة لدرجة أنّ الرئيس رجب طيب أردوغان لم يتردد في تهنئة الرئيس المنتخب. وقد أدّت الرسالة، التي وجّهها عبر حسابه على Twitter بعد فترة وجيزة من النتائج الأولى مساء الأحد، الى موجة من الارتياح بين مؤيّدي المعارضة. وقال صحافي تركي: «بعد إلغاء استطلاع يوم 31 آذار لأسباب مشكوك فيها، كان يخشى أن تجد الحكومة عذراً جديداً لإبطال الانتخابات مرة أخرى. صباح الاثنين، صدرت الصحافة الموالية للحكومة أيضاً بعناوين رصينة، فقالت صحيفة «صباح»: «لقد اتخذت اسطنبول خيارها، فيما لاقتها صحيفة «يني شافاق» بعنوان «لقد تحدثت» الديمقراطية»، ما يعطي الأمل لأنصار المعارضة الذين، لمدة 17 سنة، عانوا من هزيمة تلو الاخرى. وحوّلوا فرحتهم ليلة الأحد إلى الاثنين، الى قاعات رقص في بعض الاحياء احتفالاً بفوز امام أوغلو.

هل سيتعلم الرئيس التركي من هذه الهزيمة؟ يقول أوزجيل: «سيتعيّن على أردوغان أن يتخذ خيارات: إمّا أنه يقرر إصلاح حزبه وإنشاء تحالفات جديدة، أو يذهب مباشرة إلى الجدار».

أصبحت الشائعات حول إنشاء فصيل جديد من حزب العدالة والتنمية حديث الناس أكثر من أي وقت مضى. يوم الاثنين، عَنونت صحيفة «قرار»، المعروفة بقربها من رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو – الذي يعمل منذ شهور على إنشاء حركة سياسية – «زلزال في صناديق الاقتراع». ولكن إذا تم إضعاف الرجل القوي في البلاد، فإنّ القمع يستمر. صدفة حزينة: في حين كان المجتمع المدني يحتفل يوم الاثنين بانتخاب إمام أوغلو، افتتحت محاكمة المتظاهرين في جيزي في نفس الوقت داخل سجن سيليفري الكبير.