IMLebanon

لهذه الأسباب لن يزور عون سوريا!

في خضم الانهماك الاقليمي والدولي بالغليان المتصاعد الوتيرة من فوهة بركان الازمة الاميركية- الايرانية من جهة، ومؤتمرات تسويق “صفقة القرن” الاميركية واللقاءات الامنية الثلاثية في اسرائيل التي وضعت تحت مجهرها الملفين السوري والايراني بما سيتمخض عنها من نتائج من جهة اخرى، ووسط غياب تام للمواكبة اللبنانية الرسمية عما يدور وما يعدّ لدول الجوار من مشاريع ستنعكس تداعياتها المباشرة عليه لاكثر من سبب، ينبري بعض اللبنانيين الى تكرار نغمة التطبيع مع سوريا واعادة وصل ما انقطع مع نظام الرئيس بشار الاسد، فلا يرى ضارة في عقد قمة رئاسية تجمع الرئيسين ميشال عون والاسد على غرار ما اعلن نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي منذ ايام.

موقف الفرزلي اثار الدهشة في الاوساط السياسية والشعبية المناوئة للنظام السوري، التي رسمت علامات استفهام حول خلفيات الدعوة لقمة مماثلة وهو اكثر العالمين ببواطن الامور وانعدام حظوظ عقد قمة من هذا النوع راهنا، ولو تم تغليفها بستارة اعادة النازحين السوريين. تؤكد اوساط سياسية سيادية لـ”المركزية” ان طرحاً من هذا النوع لن يجد اي قابلية لتحقيقه في الدرجة الاولى لدى الرئيس عون، المُدرك ان ليس في مصلحة لبنان خرق العزلة الدولية المفروضة على الاسد ووضع نفسه في مواجهة الشرعيتين الدولية عموما والعربية خصوصا، في ظل مقاطعته من الجامعة العربية عبر تجميد عضوية سوريا، وهو ما دام في وضعية الرئيس غير المعترف بشرعيته، فإن اي خطوة رئاسية لبنانية في اتجاهه سترتب على لبنان تداعيات غير قادر على تحملها في هذه المرحلة بالذات، فما جدوى تعريض مصالح لبنان للخطر في لحظة يبحث فيها “بالسراج والفتيلة” عن دعم ومساعدة يقيانه خطر الانهيار القابع على حافته بفعل عبء النزوح السوري ومزاريب الهدر والفساد المفتوحة التي دفعته الى مسافة امتار قليلة من الافلاس.

وفيما تجزم مصادر معنية بأن لا قمة لبنانية- سورية في الافق، مشيرة الى ان الزيارات الوزارية اللبنانية التي تمت الى سوريا تحت عناوين اقتصادية ومصالح ظرفية ضيقة لن تتعدى هذا الاطار، تذكّر ان وزير الخارجية جبران باسيل الذي قيل الكثير في شأن زيارته لسوريا وصدر اكثر من موقف من فريق 8 اذار يدفع نحو زيارة من هذا النوع، لم تطأ قدماه دمشق ولن تطأها ما دامت مصالح لبنان تتفوق على الحسابات السياسية والحزبية فكيف بالاحرى رئيس الجمهورية.

اما “فزاعة” النزوح التي يلوّح بها البعض ويعتبر ان القمة الرئاسية هي درب الخلاص الوحيد، فتؤكد الاوساط السيادية المشار اليها ان اي مبادرة لاعادة النازحين ستتولاها موسكو عبر المجتمع الدولي عن طريق الحل السياسي، وتأمين التمويل واستعادة الثقة وخلاف ذلك مجرد استهلاك سياسي ونغمة ممجوجة من جانب مناصري النظام.

والى ملف النزوح، تسأل الاوساط كيف لرئيس الجمهورية ان يزور دولة تخضع لمقاطعة كونية، وقد اصدر نظامها مذكرات توقيف في حق رئيس حكومته وعدد كبير من قادته السياسيين والقضائيين والأمنيين، فيما تستمر في احتجاز عدد كبير من اللبنانيين في معتقلاتها ولا تعترف حتى بوجودهم ليتبين ابان ابرام صفقات، اطلاق سراح اعداد كبيرة منهم، وتمتنع عن ضبط حدودها افساحا في المجال امام استمرار عمليات تهريب السلاح والمسلحين والبضائع حيث يبقى ما يناهز 143 معبرا غير شرعي مشرعة امام المهربين، والاهم من كل ما تقدم ان نصف الشعب اللبناني يرفض التعاطي مع هذا النظام فكيف بالاحرى زيارة رئيسه الى من يتهمه بقتل وابادة شعبه؟

ان ظروف عقد قمة من هذا النوع تبقى غير متوافرة والارادة الرئاسية اللبنانية كذلك، الى حين اتمام التسوية السياسية لسوريا واتضاح المعطيات المحيطة بها، وآنذاك يبنى على الشيء مقتضاه، تختم الاوساط.