IMLebanon

هل تنجح وساطة بري التوفيقية؟

لا يزال وقف اطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ عصر الاحد على جبهة تيار المستقبل – الحزب التقدمي الاشتراكي، بمساع من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ساري المفعول. فالاشتباكات والقنص الكلامي بين الجانبين، توقّفا نهائيا منذ ذلك التاريخ، من دون تسجيل اية خروق تذكر. لكن من هنا الى اين؟ وهل يمكن تحويل اطلاق النار هدنةً دائمة واعادة العلاقات بين الرجلين الى سابق عهدها؟ أم انها ستبقى “على القطعة”، عُرضة للاشتعال عند اول اختلاف في وجهات النظر؟

مصادر سياسية مراقبة تقول لـ”المركزية” إن وساطة “رأب الصدع” التي بدأتها عين التينة، ستستمرّ. وسيّدها، الرئيس بري، انطلاقا من علاقته الجيدة بكل من الحريري وجنبلاط، سيواصل جهوده لجمع الزعيمين في لقاء لـ”غسل القلوب” يطوي، مرة لكل المرات، صفحة الكباشات التي توتّر اجواء بيت الوسط – كليمنصو، منذ أشهر. غير ان هذا الاجتماع لا يبدو انعقاده سهلا، اذ دونه عقبات كثيرة من المفترض تذليلها قبل حصوله.

والحال، بحسب المصادر، ان “المستقبل” عاتبٌ بشدة على زعيم “الاشتراكي” الذي لا ينفكّ يصوّب وبالاعيرة الثقيلة، على الرئيس الحريري ويتّهمه بتهم “كبيرة”، من قَبيل التفريط بصلاحياته وبالطائف وبالتنازل عن المبادئ السيادية وعن أسس قيام “الدولة”، حتى انه يلمّح دائما الى “صفقات” واتفاقات يبرمها الحريري مع العهد ومع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، من “تحت الطاولة”، في المال والسياسة.

هذا الكلام، يجد “بيت الوسط” صعوبة في “هضمه” خاصة وانه صادر عن طرف لا يفترض ان يكون “معاديا” للرئيس الحريري. وفي رأيه، أيا تكن مآخذ جنبلاط، يمكن ان يناقشها في الصالونات المغلقة، تماما كما يحصل مثلا بين رئيس الحكومة ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي اختلف معه كثيرا لكنه لم يعمد يوما الى “نشر غسيله” فوق السطوح.

ووفق المصادر، يعتبر “التيار الازرق” ان الملفات العالقة بين الجانبين، من بلدية شحيم، الى ملاحقة بعض ضباط قوى الامن الداخلي وصولا الى كسارات عين دارة، يمكن ان يتم درسها برويّة وخلف الكواليس من دون “اعلان الحرب” على الحريري. أما اتهامات التفريط بالطائف، فلا تُوجّه الى من ضحى بالغالي والنفيس لحمايته، فيما من الضروري التذكير ان جنبلاط كان أول من ترك صفوف 14 آذار ومدّ اليد الى الفريق الآخر، فلماذا يأخذ على الحريري اليوم سياسة ربط النزاع التي يعتمدها من جهة، وانفتاحه وتعاونه مع التيار الوطني الحر، من جهة ثانية؟

امام هذه المعطيات، ترجّح المصادر ان تكون أسباب “غضبة” المختارة، تتخطى هذه القضايا التكتية الآنية، الى ما هو أبعد. اذ هي تبدو مرتبطة بقلق لدى جنبلاط من محاولات لتطويقه “درزيا” يعتبر ان الحريري لا يحرّك ساكنا لمنعها، حتى انه يراه مشاركا فيها، عبر تعاطيه مع ملف “التعيينات” مثلا. وهنا، تنقل المصادر عن أوساط بيت الوسط، تذكيرها ان “الرئيس الحريري لم يترك جنبلاط يوما، خاصة ابان تأليف الحكومة، الا ان الاخير هو من قرر وضع أوراقه كلّها في جعبة رئيس الجمهورية حينها”.

وبحسب المصادر، يُفترض ان ينجح الرئيس بري في مساعيه التوفيقية اذا أجرى الطرفان قراءة متأنية لمسار علاقتهما، خاصة وأنها معمّدة بالدم في محطات كثيرة، حيث سيتبيّن لهما ان الاشتباك “ما بيحرز”. أما اذا كانت هناك قطبة مخفية في المشهد، وخلاف بينهما على قضايا أخرى لا علاقة لها بـ”السياسة” و”المصير”، فعندها حديثٌ آخر، تختم المصادر.