IMLebanon

الحريري يغازل “الحزب”… التسوية أولا!

بعيدا من ملف التعيينات الشائك، كسب رئيس الحكومة سعد الحريري مجددا رهانه على تمسك الجميع بسقف التسوية الرئاسية مهما علا الصراخ السياسي على المنابر، فكان له ما أراد حيث استطاع ترؤس جلسة هادئة “إلى حد النعاس”، على حد تعبير وزير الصناعة وائل أبو فاعور. غير أن ملفا واحدا كاد يخرق الهدنة السياسية التي تسير بهديها تشكيلة “إلى العمل”، لولا سحب فتيل أزمة تراقصت الحكومة على حافتها.

ذلك أن مجلس الوزراء علّق النقاش في البند المتعلق بانضمام لبنان إلى معاهدة أوتاوا الخاصة بنزع الألغام ومنع استخدامها وتكديسها، في ضوء معارضة يتيمة سجلها، للمفارقة… حزب الله دون سواه من المكونات الحكومية، على ما علمت “المركزية” من مصادر وزارية، بذريعة أن في ذلك اختلالا في التوازن السياسي والعسكري بين “المقاومة” والعدو الاسرائيلي، خصوصا أن تل أبيب لم تنضم بعد إلى هذه المعاهدة الدولية.

وفي ما يمكن اعتبارها محاولة جديدة من الرئيس الحريري لـ “حماية” الاتفاق السياسي الذي من المفترض أنه لا يزال ساري المفعول، من رصاص سياسي قد يتلقاه من أهل بيته، فضل رئيس الحكومة بتعليق النقاش، توجه رسالة ايجابية الى الضاحية تجلت في الاستجابة لطلبها، وإن كان ذلك يعني القفز فوق  الطلب المقدم من وزارة الدفاع، وعلى رأسها الوزير الياس بوصعب المحسوب على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، كما فوق الاعتراض القواتي.

وفي انتظار عودة المعاهدة إلى متن جدول أعمال مجلس الوزراء، تعتبر مصادر سياسية عبر “المركزية” أن إذا كان مبرراً تمسك رئيس الحكومة بالتسوية لمنع الغرق في مجهول سياسي غير محسوب النتائج، فإن الأهم يكمن في أن مجلس الوزراء أتاح مجدداً لـ “حزب الله” فرض خياراته وتوجهاته وسياساته على السلطات الدستورية المفترض أن تتولى قمرة القيادة في سفينة الوطن.

وفي السياق نفسه، تنبه المصادر إلى أن “اختلال ميزان القوى” الذي يخشاه حزب الله، معتبرا أن انضمام لبنان إلى معاهدة أوتاوا يعد خطوة تسجل من خلالها تل أبيب تفوقا عسكريا ليس في مكانه. ذلك أن هذه المعاهدة ستضمن للبنان التخلص من الألغام الكثيرة التي زرعها العدو الاسرائيلي في الأراضي اللبنانية، وهو ما تقام من أجله الحملات السنوية، اضافة إلى أن مهمة الدفاع عن لبنان وتأمين ما يسمى توازن الرعب معه، ليس إلا مهمة تناط بالجيش اللبناني دون سواه، معتبرة أن موقف الحزب في مجلس الوزراء لا ينم إلا عن مزيد من التمسك بترسانته في مقابل الجيش اللبناني وسلاحه الشرعي.

وتشير المصادر نفسها إلى أن “التسامح” الذي يبديه مجلس الوزراء إزاء مواقف يمكن اعتبارها راديكالية تعزف الضاحية على وترها كلما دعت الحاجة، يعيد التذكير بمعادلة “الجيش والشعب والمقاومة” التي لا ينفك أركان الحزب يجددون التمسك بها، بما يضع لبنان في مواقف لا تخدم مصالحه وعلاقاته مع المجتمع الدولي، الذي يتوان عن تلبية نداءات الاستغاثة التي أطلقها لبنان لانتشاله من كبواته الاقتصادية المتتالية”، لافتة إلى أن الكرة اليوم في ملعب مجلس الوزراء ليعيد الاعتبار إلى سيادة الدولة وقرارها الحر، بما يمكّن لبنان من استعادة موقعه على الخارطة الدولية.