IMLebanon

الرضاعة المُستحثّة: الأمل في أمومة أفضل

كتبت ماريانا معضاد في “الجمهورية”:

حليب الأم هو أفضل غذاء يمكن إعطاؤه للرضيع. غذاء كامل يحتوي على البروتينات والمعادن، بما في ذلك الحديد، والأحماض الدهنية الأساسية التي تساعد على نموّ الدماغ، مثل الأوميغا 3. وعلى المدى الطويل، يمكن أن تقلّل الرضاعة الطبيعية من خطر السمنة لدى الأطفال، وكذلك مرض السكري من النوع 1، والأكزيما وأمراض الأمعاء الالتهابية.

للرضاعة الطبيعية ميزة أساسية وهي المناعة التي توفّرها للطفل، بفضل الأجسام المضادة في الحليب الطبيعي التي تساعد الطفل على الدفاع ضدّ البكتيريا والفيروسات. لذلك، تنصح منظّمة الصحّة العالمية WHO والمهنيون في مجال الصحّة الأم بالرضاعة الطبيعية حصريًا لمدة تراوح من أربعة إلى ستة أسابيع على الأقل. بالإضافة إلى ذلك، عند الاعتماد على الرضاعة الطبيعية، لا تضطر الأم الى تعقيم زجاجات الحليب، كما أنَّ حليب الثدي أرخص من الحليب الاصطناعي. وعلى المستوى العاطفي، تقوّي الرضاعة الطبيعية الرابط بين الأم وطفلها.

دور الرضاعة المستحثّة

تلعب الرضاعة المستحثة دوراً بارزاً في تحسين تجربة الأمومة في كثير من الحالات، لا سيما عند التبنّي. في لبنان، موضوع التبنّي «لقيط» لا يُلفَظ على أيّ لسان. وفيما نسبة التبنّي في ارتفاع لأسباب مختلفة، يتصرّف الجميع وكأنه أمر غير معدوم في مجتمعنا. وبما أنَّ موضوع التبنّي غير متداول، يعاني الأهل بالتبنّي من صعوبات إضافية بسبب نقص الوعي وصعوبة الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي كما الطبّي. تقدم جريدة «الجمهورية» معلومات مفيدة لكلّ أمّ حالية أو مستقبلية تبنّت أو ستتبنّى يوماً ما طفلاً، معلومات حول الرضاعة المستحثّة، وهي أفضل وسيلة لتغذية الرضيع ولتقوية الرابط بين الأم والطفل، حتى لو لم يكن طفلها البيولوجي. فتساعد الرضاعة على تحضير الأم لتقديم كل احتياجات طفلها الجديد، الجسدية منها كما النفسية.

شرحَ الدكتور جوزيف غنيمه، أخصائي جراحة نسائية عقم وتوليد، وطبيب ممارس في مستشفيات باريس، في حديث خاص لـ»الجمهورية»: «الرضاعة المستحثّة هي محاولة الحثّ على الرضاعة، أي تحفيز الغدّة الثديية لدى امرأة غير محضَّرة للرضاعة، مثل حالات عدم وجود الحبل، وعدم جهوزية الجسم من مستوى الهرمونات، كامرأة تبنّت رضيعاً».

طرق الرضاعة المستحثّة بحسب د. غنيمه، تشمل وسائل الرضاعة المستحثّة:

  • تحفيز حلمات الثدي والثدي يدوياً: من الأفضل أن تبدأ العملية قبل عدة أشهر من الولادة المتوقعة للطفل المتبنّى. وفي حال عدم النجاح، يجوز اللجوء إلى مضخّة الثدي ليتمّ إنتاج الحليب. وعند ولادة الطفل، الخطوة التالية هي محاولة إرضاعه بشكل روتيني، على أمل أن يفرز الثدي الحليب.
  • الأدوية الهرمونية: الطريقة الأكثر فعالية للحثّ على إنتاج حليب الثدي هي استخدام بعض الأدوية الموصوفة.

ولكن حتى مع استخدام العقاقير الطبية، قد لا يكون إنتاج الحليب ممكناً لجميع النساء. إذ تعجز بعض الأمهات عن إرضاع طفلهنّ البيولوجي. ويشير د. غنيمه إلى أنَّ «عوامل الصحّة بشكل عام والعمر لدى المرأة تؤثر على احتمال نجاح عملية الرضاعة المستحثّة. وتجدر الإشارة إلى أنَّ الرضاعة المستحثّة أسهل للمرأة التي سبق أن أنجبت وأرضعت. وما من عوارض جانبية للرضاعة المستحثّة زائدة عن عوارض الرضاعة الطبيعية (أي خطر التهاب الثدي).

الرضاعة الطبيعية ضد الرضاعة المستحثّة
في السابق، كان الحليب الاصطناعي غير مستحبّ لعدّة أسباب منها كلفته العالية، وآثاره الجانبية على الطفل. فتسبّب الحليب الاصطناعي بالحساسية لبعض الرضّع، ولكن أصبح الوضع أفضل. فيقول د. غنيمه: «اليوم، يحتوي الحليب الاصطناعي على نفس مكوّنات الحليب الطبيعي، وآثاره الجانبية قد تقلّصت. ولكن ما لا يمكن للحليب الاصطناعي التعويض عنه هو تقوية الرابط بين الأم والرضيع أثناء الرضاعة الطبيعية.

في المقابل، إذا عجزت المرأة عن الإرضاع بسبب قيود اجتماعية أو مهنية أو غيرها، أو اضطرت الى الخلط بين الحليب الطبيعي والاصطناعي، لا يجوز إشعارُها بالذنب. ولكن علينا أيضاً تشجيعُها على الرضاعة الطبيعية، وتعليمها على الإرضاع (مثل الوضعيات المناسبة للرضاعة)».