IMLebanon

من كازاخستان الى قبرشمون! (بقلم يورغو البيطار)

يكاد عداد الضربات التي يتلقاها اللبنانيون لا يتوقّف! أي جزاء هذا لبلد لا يعرف الراحة؟ ما هو “الغضب” الذي ينصبّ على رؤوسنا؟ لا يفرّق بين صيف وشتاء، بين يوم راحة ويوم عمل، يلاحقهم في الداخل وحتى اقاصي الأرض حتى! أتراه ثمن لاستسلامنا وخنوعنا المتواصل منذ عشرات السنوات امام من حوّلنا الى مجرد ارقام في ألعابه الكبرى؟ أترانا دمًى ننتفض في كل مشهد يهزّنا لساعات ثم تعود العجلة تدور بانتظار المشهد التالي؟

من كان يظن ان “الغضب” سيلحق بالشعب “الكادح” إلى… كازاخستان! ربما كان قسمًا لا بأس به من اللبنانيين لا يعرف حتى أي معلومة عن هذا البلد قبل المشاهد المروعة التي اجتاحتنا من كل حدب وصوب عن الاعتداء الذي تعرض لهم عمال عرب بينهم لبنانيون…

وبغض النظر عن المسببات والحقائق الكامنة خلف ما جرى، صدمَ كثيرون بالفارق الهائل في التعاطي الرسمي مع الحادثة بين الدولة واللبنانية وبين حكومة الأردن! تناقل ناشطون تغريدات ومواقف وزير خارجية الأردن ايمن الصفدي، مواقف حاسمة، واضحة، مليئة بالمعلومات المفيدة والتطمينات. صور للعاملين الأردنيين مع سفير بلادهم كانت كفيلة بتأكيد ما هو مؤكد، انه الفارق الشاسع بين “البهورة” والكلام الممجوج وبين التحرك العملي الكفيل بوضع الأمور في اطارها الصحيح!

وفي وقت كان ليل بيروت مشتعلًا بما حصل في اقاصي كازاخستان صباح السبت، كان جبلها يغلي كذلك بمواقف تصعيدية اعادت الى اذهاننا صورًا يغرَم المسؤولون بتذكيرنا بها في كل فترة يقررون ان يخرجوها من خزائن استهتارهم بمصالحنا. ذكّر ناشطون دولتنا بأن اهتمامها يجب ان ينصب على مصير عشرات الشبان اللبنانيين العالقين بدل هذا التركيز غير المفهوم على جولات داخلية تصب زيتًا عل نار تسوية هشة، مريضة، تكاد تتحول الى نكتة بالية.. عبثًا.

تواصل السيناريو حتى انفجرت “القلوب المليانة” رصاصًا الاحد في قبرشمون، عادت مشاهد الدم لتلطخ حلمًا بموسم سياحي واعد، سقطت ضحيتان وعدد من الجرحى، تعددت الروايات كالعادة، قطِعت طرقات حيوية، غابت الأجهزة الأمنية لساعات، تصاعد الدخان الأسود يزيد سمًا على السموم التي تخنقنا، احتجز آلاف الأشخاص في سياراتهم، تأخّر مسافرون عن طائراتهم، طعِنت هيبة الدولة في صميمها للمرة المليون لكن “كله يهون” في سبيل تنفيس “الشباب عن غضبهم! احتلت بيانات الاستنكار الشاشات والمواقع الالكترونية، تفنن أولئك الذين يتحملون المسؤولية المباشرة عن الدم في صياغة عبارات التحذير من الفتنة، اشتعلت “هاشتاغات” الشتائم والتخوين والتحقير بين “الجيوش الالكترونية” تزيد إسفافًا على دراما رخيصة نعيشها… كم بات هذا المشهد حقيرًا وكم بتنا عاجزين أمامه!!