IMLebanon

“التيار”: لن نسكت عمّا جرى!

على حين غرة، اشتعلت جبهة الجبل وسالت دماء على نحو قد يكون الأخطر منذ حوادث 11 أيار 2008. فكانت حوادث الأحد مناسبة دامية لتأكيد أن مصالحة الجبل الراسخة في نفوس القيمين عليها والتي حجز لها مرور الزمن مكانا في قلوب أبناء جبل لبنان، مكانا ثابتا وراسخا، لا تنفي أن قلوبا “مليانة” قد لا تحتاج أكثر من فتيل (أو قتيل) واحد لإشعالها.

أمام هذه الصورة، لا يستغرب أحد أن تتخذ الحوادث التي هزت أمن الجبل قبل يومين منحى خطيرا يهدد بإطاحة المصالحة التي جهد البطريرك الراحل نصرالله صفير والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، بما استدعى تدخلا مباشرا من رئيس الجمهورية ميشال عون لضبط الأمور وإرساء مناخات من الهدوء، خصوصا أن الوزير صالح الغريب محسوب عليه، علما أنه ممثل رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان في الحكومة. وهي نتيجة توصل إليها الرئيس سعد الحريري في خلال مفاوضات التأليف، متجاوزا حليفه التاريخي جنبلاط.

على أي حال، فإن ما انتهى إليه الحادث الدموي في الجبل يجعل الأنظار تتجه أولا إلى “التيار الوطني الحر”، رافعةً العهد وحليف أرسلان الذي لم يتوان عن مواجهة جنبلاط انتخابيا في “عرينه الأهم” إلى حد النجاح في خرقه، وإن كان من المتوقع أن يركن العونيون إلى تهدئة النفوس المشحونة عقب الاجتماع الأسبوعي لتكتل “لبنان القوي” عصر الثلثاء، في وقت يسارع عارفون بما يدور في الكواليس البرتقالية إلى التأكيد أن الدعوة الى التهدئة لا تعني السكوت عما جرى وتركه يمر مرور الكرام.

وفي السياق، شددت مصادر تكتل “لبنان القوي”، عبر “المركزية”، على أن “أحدا لم يكن يريد أن تبلغ الأمور هذه المستويات الخطيرة من التصعيد الدموي. لكن هذا لا ينفي أننا لن نسكت عما جرى، وسنطالب بمحاسبة الفاعلين لأن اللجوء إلى استخدام السلاح كاد يودي بحياة وزير في الحكومة، بغض النظر عن انتمائه السياسي”، مؤكدةً أن “لا دور للنظام السوري في ما شهده الجبل يوم الأحد الفائت”.

ولكن، إذا كان التصعيد الميداني إشارة خطرة قرأ الجميع ما بين سطورها جيدا، فإن تساؤلات تُعد مشروعة عن مستقبل العلاقة على خط المختارة – ميرنا الشالوحي، في وقت لم يتأخر أرسلان، حليف التيار البرتقالي، في استخدام الأسلحة الكلامية الثقيلة لشن هجوم مركز على الزعيم الاشتراكي. وفي رد على هذه التساؤلات، تحاذر المصادر إعطاء أي توصيف للعلاقة مع المختارة، مكتفيةً بالإشارة إلى أن “لا أحد يرمي إلى القفز فوق زعامة جنبلاط، بدليل أن كل مطالبه تلبى، وهو ما حدث أخيرا في تعيينات المجلس الدستوري. ذلك أن كل المكونات السياسية، بما فيها “حزب الله”، أيدت وصول القاضي رياض أبو غيدا (المدعوم من جنبلاط) إلى المجلس. لذلك، لا نجد أي سبب للتصعيد واستخدام السلاح في الشارع على هذا النحو”.

وفي انتظار عودة الأمور إلى خانة الهدوء، استجاب رئيس “التيار الوطني الحر” لرغبة رئيس الجمهورية في إلغاء الزيارة التي كان من المقرر أن تقوده إلى عاصمة الشمال طرابلس، غداة صدور مواقف غير مرحبة بباسيل في المدينة، في ما اعتُبر محاولة لتفادي احتمالات انفلات الوضع الأمني الهش في طرابلس. إلا أن المصادر العونية سارعت إلى التأكيد أن “قرار باسيل هذا ليس إلا استجابة لطلب رئيس الجمهورية، والوزير باسيل لم يكن يريد أن يلغي الجولة الطرابلسية، لأن من الخطورة بمكان أن نرضخ لمنطق ضرورة أخذ الإذن ومراعاة الخواطر كلما أراد أحد أن يجول في منطقة معينة”، مرجّحةً أن يدعو تكتل “لبنان القوي” إلى التهدئة في البيان الذي سيصدره بعد اجتماعه الأسبوعي.