IMLebanon

في مواجهة باسيل (بقلم بسام أبو زيد)

يعرف الوزير جبران باسيل جيدا مكامن القوة التي يتمتع بها، فهو صهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وهو رئيس أكبر تكتل نيابي ووزاري في لبنان، وهو رئيس تيار يتمتع بشعبية وازنة عند المسيحيين، وهو حليف لا يتخلى عنه “حزب الله” لأسباب داخلية وخارجية، وهو أيضا حليف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي لا يتخلى عنه أيضا لأسباب متعددة وحتى لو عارضه تيار المستقبل في العديد من الأمور، كما أن أخصام الوزير باسيل لا يواجهونه بطريقة منظمة وفاعلة.

فعلى الصعيد المسيحي ينقسم المعارضون على بعضهم، فـ”القوات اللبنانية” ورغم شعبيتها وكتلتها النيابية المؤلفة من 15 نائبا ووزرائها الأربعة تقف شبه متفرجة في وجه الوزير باسيل وتحاذر مواجهته خوفا من أن تتحول تلك المواجهة إلى صدام مع رئيس الجمهورية الذي يؤيد في شكل تلقائي كل ما يقوم به الوزير باسيل، كما تحاذر “القوات” عودة التوترات على الأرض مع “التيار”، إضافة إلى أن “القوات اللبنانية” هي في مواجهة مع “الكتائب اللبنانية” وشخصيات مسيحية مستقلة تعارض رئيس “التيار الوطني الحر”.

أما تحالف “القوات” و”المردة” فهو بالتأكيد أزعج الوزير باسيل، فحاول ان نقل الصراع إلى عقر دارهم في زغرتا وبشري من خلال جولاته هناك، كما حاول في شكل مباشر وغير مباشر دق أسفين بين الجانبين في أكثر من قضية، ورغم عدم نجاحه فإن التنسيق القائم بين “القوات” و” المردة” في مواجهة باسيل لم يكن على مستوى التكهنات والتوقعات التي سادت عقب المصالحة بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

على الصعيد الشيعي تبقى المواجهة بين الوزير باسيل والرئيس نبيه بري وحركة أمل محكومة بالتفاهم مع “حزب الله” الذي يلعب دورا أساسيا في نزع صواعق التفجير من هذه العلاقة،إذ تبين أنه وفي عز التوترات بين الجانبين تدخل “حزب الله” وأعاد الأمور إلى طبيعتها مع نوع من الاتفاق الضمني على إدارة المصالح المشتركة بين الجانبين في مختلف المجالات.

على الصعيد السني يضمن الوزير باسيل بقاء الرئيس الحريري إلى جانبه جراء ما يعرف بالتسوية الرئاسية، وهو لذلك يحاول الإكثار من مفاعيلها الايجابية تجاه الرئيس الحريري كي يبقى التمسك بهذه التسوية عنوان المرحلة، ولكن الملاحظ أن جمهور المستقبل والجمهور السني عامة يغرد خارج هذه التسوية، ولكن تغريده لا يتخطى فشة الخلق باعتبار أنه لن يستطيع أن يغير فاصلة في ما هو مقرر بين الرئيس الحريري والوزير باسيل.

على الصعيد الدرزي دخل الوزير باسيل بقوة على خط الجبل يلعب على الأوتار المسيحية والدرزية التي كان يعتبرها النائب السابق وليد جنبلاط من الخطوط الحمراء في السياسة اللبنانية، وأصبح يدرك مع حلفائه المسيحيين والسنة في الجبل أن الساحة أصبحت مفتوحة للوزير باسيل، فالشعبية في الجبل موجودة والحلفاء الدروز كذلك. وباسيل يعتبر من واقع هذه الحال ومن واقع ما جرى في قبرشمون وغيرها أن المواجهة بالنسبة لجنبلاط وحلفائه مكلفة على أكثر من صعيد وان من كان حذرا بدرجة معينة في المرحلة السابقة سيصبح أكثر حذرا في المرحلة الراهنة والمقبلة، وحذر الطرف الآخر في مفهوم الوزير باسيل هو لمصلحته.

رغم الحديث عن الأضرار التي تلحقها سياسة الوزير باسيل به شخصيا وبالعهد وأنها قد تكون عائقا في تحقيق طموحاته، إلا أنه ما زال يصر على انتهاج سياسية الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع وعلى تعزيزها معتبرا أنها الطريق التي توصله إلى حيث يرغب وبالدرجة الأولى إلى قصر بعبدا.